للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: حسبي حسب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وديني دينه، فَمن أبْغض حسبي فَإِنَّمَا يبغض حسب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن يبغض ديني فَإِنَّمَا يبغض دين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ بعض قُرَيْش: أتيت الْكُوفَة فتبوأت بهَا منزلا، ثمَّ خرجت أُرِيد عليا عَلَيْهِ السَّلَام. فلقيني فِي الطَّرِيق وَهُوَ بَين الْأَشْعَث بن قيس، وَجَرِير بن عبد الله، فَلَمَّا رَآنِي خرج من بَينهمَا فَسلم عَليّ. فَلَمَّا سكت قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، من هَذَانِ؟ وَمَا رأيهما؟ فَقَالَ: أما هَذَا الْأَعْوَر - يَعْنِي الْأَشْعَث - فَإِن الله لم يرفع شرفاً إِلَّا حسده، وَلم يسن دينا إِلَّا بغاه. وَهُوَ يمنى نَفسه ويخدعها، فَهُوَ بَينهمَا لَا يَثِق بِوَاحِدَة مِنْهُمَا. وَمن الله عَلَيْهِ أَن جعله جَبَانًا، وَلَو كَانَ شجاعاً لقد قَتله الْحق بعد. وَأما هَذَا الأكشف - يَعْنِي جَرِيرًا - عبد الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ يرى أَن كل أحد يحقره، فَهُوَ ممتلئ بأوا، وَهُوَ فِي ذَلِك يطْلب جحراً يؤويه، ومنصباً يُغْنِيه. وَهَذَا الْأَعْوَر يغويه ويطغيه، إِن حَدثهُ كذبه، وَإِن قَامَ دونه نكص عَنهُ، فهما كالشيطان " إِذْ قَالَ للْإنْسَان اكفر فَلَمَّا كفر قَالَ إِنِّي برِئ مِنْك إِنِّي أَخَاف الله رب الْعَالمين " قَالَ: فَقلت لَهُ: وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لقد نزلت بشر منزل. مَا أَنْت إِلَّا بَين الْكَلْب وَالذِّئْب. قَالَ: هُوَ عَمَلكُمْ يَا معشر قُرَيْش، وَالله مَا خرجت مِنْكُم إِلَّا أَنِّي خفت أَن تجلوا فِي فألج بكم. وَقَالَ: أَشد الذُّنُوب مَا استخف صَاحبه بِهِ. روى عَن أبي اراكة أَنه صلى مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ - عَلَيْهِ السَّلَام - صَلَاة الْفجْر، فَلَمَّا سلم انْفَتَلَ عَن يَمِينه، ثمَّ مكث كَأَن بِهِ كابةً، حَتَّى طغت الشَّمْس على حَائِط الْمَسْجِد، ثمَّ قلب يَدَيْهِ وَقَالَ: لقد رَأَيْت أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا أرى الْيَوْم شَيْئا يشبههم، لقد كَانُوا يُصْبِحُونَ صفرا غبراً شعثاً، بَين أَعينهم مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>