للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللمنصور جوابٌ - عَن هَذِه الرسَالَة - طَوِيل فِيهِ احتجاج كثير، وَطعن وقدح أمسكنا عَن ذكره. روى الصولى بإسنادٍ لَهُ عَن عبد الله بن جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن بن مسور ابْن مخرمَة قَالَ: اجْتمع رجال من بني هَاشم فِي منزلي مِنْهُم: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس، وَعبد الله بن عَليّ وَغَيرهم من بني الْعَبَّاس. وَمن ولد أبي طَالب عبد الله وَالْحسن ابْنا الْحسن، وابنا عبد الله مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم، وجعفر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنْهُم وَغَيرهم من أهلهم، وَكَانَ اجْتِمَاعهم لِلْحَجِّ، فخفي بذلك إِبْرَاهِيم، فابتدأ مُحَمَّد بن عبد الله؛ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أما بعد، يَا بني هَاشم، فَإِنَّكُم خيرة الله، وعترة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَبَنُو عَمه وَذريته، فَضلكُمْ الله بِالْوَحْي، وخصكم بِالنُّبُوَّةِ، وَإِن أولى النَّاس بِحِفْظ دين الله، والذب عَن حرمه من وَضعه الله بموضعكم من نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد أَصبَحت الْأمة مغصورةً، وَالسّنة مبدلةً، وَالْأَحْكَام معطلة، فالباطل حَيّ، وَالْحق ميتٌ فأبلوا أَنفسكُم فِي طَاعَة الله، واطلبوا باجتهادكم رِضَاهُ، واعتصموا بحبله من قبل أَن تهونوا بعد كرامةٍ، وتذلوا بعد عز، كَمَا ذلت بَنو إِسْرَائِيل من قبلكُمْ، وَكَانَت أحب الْخلق فِي وَقتهَا إِلَى ربكُم، فَقَالَ فيهم جلّ وَعز: " كَانُوا لَا يتناهون عَن منكرٍ فَعَلُوهُ ". فَمن رأى مِنْكُم نَفسه أَهلا لهَذَا الْأَمر فَإنَّا نرَاهُ لَهُ أَهلا، وهذي يَدي لَهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة، وَمن أحس من نَفسه ضعفا، أَو خَافَ مِنْهَا وَهنا وعجزاً فَلَا يحل لَهُ التولي على الْمُسلمين، وَلَيْسَ بأفقههم فِي الدّين، وَلَا أعلمهم بالتأويل. أَقُول قولي هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله الْعَظِيم لي وَلكم. قَالَ: فوَاللَّه مَا رد أحدٌ كلمة غير أبي جَعْفَر عبد الله بن مُحَمَّد، فَإِنَّهُ قَالَ: أمتع الله قَوْمك بك، وَكثر فيهم مثلك، فوَاللَّه لَا يزَال فِينَا من يسمو إِلَى الْخَيْر، ويرجى لدفع الضيم، مَا أبقاك الله لنا وَشد بك أزرنا. فَقَالُوا لعبد الله: أَنْت شيخ بني هَاشم وأقعدهم، فأمدد يدك حَتَّى نُبَايِعك؛ فَقَالَ: مَا أفعل ذَلِك، وَلَكِن هَذَا ابْني محمدٌ فَبَايعُوهُ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّمَا قيل لَك

<<  <  ج: ص:  >  >>