وَقَالَ الزبير: قد سَمِعْتُمْ مقَالَته، فابذلوا الشّركَة، وأحسنوا النِّيَّة؛ فَلَنْ يسْتَغْنى من اسْتحق هَذَا الْأَمر عَن مقَاتل يُقَاتل مَعَه، وموئلٍ يلجأ إِلَيْهِ، والمقاتل مَعكُمْ خيرٌ من الْمقَاتل لكم. فَقَالَ الْعَبَّاس: قد سمعنَا مَقَالَتَكُمْ، فَلَا لقلةٍ نستعين بكم، وَلَا لظنةٍ نَتْرُك آراءكم، وَلَكِن لالتماس الْحق؛ فأمهلونا نراجع الفكرة. فَإِن يكن لنا من الْإِثْم مخرجٌ يصر بِنَا وبهم الْحق صرير الجدجد، ونبسط أكفا إِلَى الْمجد؛ لَا نقبضها أَو تبلغ المدى؛ وَإِن تكن الْأُخْرَى فَلَا لقلةٍ فِي الْعدَد، وَلَا لوهن فِي الأيد. وَالله لَوْلَا أَن الْإِسْلَام قيد الفتك لتدكدكت جنادل صخرٍ يسمع اصطكاكها من مَحل الأثيل. قَالَ: فَحل عَليّ رَضِي الله عَنهُ حبوته، وَكَذَا كَانَ يفعل إِذا تكلم؛ وَجَثَا على رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ: الْحلم صبرٌ، وَالتَّقوى دين، وَالْحجّة محمدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَالطَّرِيق الصِّرَاط. إيهاً رحمكم الله، شَقوا متلاطمات أمواج الْفِتَن، بحيازيم سفن النجَاة، وعرجوا عَن سَبِيل المنافرة، وحطوا تيجان الْمُفَاخَرَة، أَفْلح من نَهَضَ بجناحٍ، واستسلم فأراح. مَا آجن لقْمَة تغص آكلها! ومجتنى الثَّمَرَة لغير إيناعها كالزارع فِي غير أرضه أما لَو أَقُول مَا أعلم لتداخلت أضلاعٌ تدَاخل دوارة الرحا. وَإِن أسكت يَقُولُوا جزع ابْن أبي طَالب من الْمَوْت. هَيْهَات هَيْهَات بعد اللتيا وَالَّتِي. وَالله لعَلي آنس بِالْمَوْتِ من الطِّفْل بثدي أمه، وَلَكِنِّي أدمجت على مَكْنُون علمٍ لَو بحت بِهِ لاضطربتم اضْطِرَاب الأرشية فِي الطوى الْبَعِيدَة. ثمَّ نَهَضَ وفرقهم، وَأَبُو سُفْيَان يَقُول: لشيءٍ مَا فرقنا ابْن أَب يُطَالب. روى أَحْمد بن أبي طَاهِر فِي كتاب " المنثور والمنظوم " بِإِسْنَاد لَهُ عَن الْبَراء ابْن عازبٍ قَالَ: لم أزل لبني هاشمٍ محبا؛ فَلَمَّا قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخوفت أَن تتمالأ قُرَيْش على إِخْرَاج هَذَا الْأَمر من بني هَاشم؛ فأخذني مَا يَأْخُذ الواله العجول مَعَ مَا فِي نَفسِي من الْحزن لوفاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَقد مَلأ الهاشميون بَيتهمْ، فَكنت أتردد بَينهم وَبَين الْمَسْجِد أتفقد وُجُوه قُرَيْش، فَإِنِّي لكذلك إِذْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute