وَكتب إِلَى ابْن الْعَبَّاس حِين سيره ابْن الزبير إِلَى الطَّائِف: أما بعد، قد بَلغنِي أَن ابْن الزبير سيرك إِلَى الطَّائِف، فأحدث اله جلّ وَعز لَك بذلك ذخْرا حط بِهِ عَنْك وزراً. يَا بن عَم؛ إِنَّمَا يبتلى الصالحون، وتعد الْكَرَامَة للأخيار؛ وَلَو لم تؤجر إِلَّا فِيمَا تحب لقل الْأجر، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: " وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خيرٌ لكم وَعَسَى أَن تحبوا شَيْئا وَهُوَ شرٌ لكم ". عزم الله لنا ذَلِك بِالصبرِ على الْبلَاء، وَالشُّكْر على النعماء، وَلَا أشمت بِنَا عدوا وَالسَّلَام. وَقَالَ: مَالك من عيشك إِلَّا لَذَّة تزدلف بك إِلَى حمامك، وتقربك من يَوْمك، فأية أكلةٍ لَيْسَ مَعهَا غصصٌ، أَو شربةٍ لَيْسَ مَعهَا شرقٌ؟ فَتَأمل أَمرك؛ فكأنك قد صرت الحبيب الْمَفْقُود، والخيال المخترم. أهل الدُّنْيَا أهل سفرٍ لَا يحلونَ عقد رحالهم إِلَّا فِي غَيرهَا. وَقَالَ فِي قَوْله عز ذكره: " هَل جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان " هِيَ مسجلةٌ للبر والفاجر يَعْنِي مُرْسلَة. وَذكر رجلا يَلِي بعد السفياني، فَقَالَ: حمش الذراعين والساقين، مصفح الرَّأْس، غائر الْعَينَيْنِ، بَين شث وطباقِ. وَلما دَعَاهُ ابْن الزبير إِلَى الْبيعَة قَالَ: إِنَّمَا ابْن الزبير شيطانٌ كلما رفع رَأسه قمعه الله. وَقَالَ: إِنِّي أكره أَن أيسر هَذِه الْأمة أمرهَا وآتيها من غير وَجههَا. وَذكر أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: كَانَ إِذا تكلم بذ، وَإِذا كلم حذ. وَهَذَا مثل قَول غَيره: كَانَ عَليّ إِذا تكلم فصل، وَإِذا ضرب قتل. وَقَالَ غَيره: كَانَ إِذا اعْترض قطّ وَإِذا اعتلى قد. وَقَالَ مُحَمَّد: الْكَمَال فِي ثَلَاثَة: الْفِقْه فِي الدّين، وَالصَّبْر فِي النوائب، وَحسن تَقْدِير الْمَعيشَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute