للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عطفا تَجِد عندنَا نصحاً صَرِيحًا. ووداً صَحِيحا، وَلَا يضيع مثلك مثله، وَلَا يَتَّقِي مثلك أَهله؛ فارع حُرْمَة من أدْركْت حرمته، واعرف حجَّة من فلجت حجَّته؛ فَإِن النَّاس من حوضك رواءٌ، وَنحن مِنْهُ ظماءٌ. يَمْشُونَ فِي الأبراد، ونحجل فِي الأقياد، بعد الْخَيْر وَالسعَة، والخفض والدعة. وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان، صريخ الْأَخْبَار ومنجي الْأَبْرَار. النَّاس من دولتنا فِي رخاءٍ، وَنحن مِنْهَا فِي بلاءٍ:؛ حَيْثُ أَمن الخائفون، وَرجع الهاربون، رزقنا الله مِنْك التحنن، وَظَاهر علينا مِنْك المنن؛ فَإنَّك أَمِين للْمُؤْمِنين مستودع وذائد مصطنعٌ. وَكتب عبد الله إِلَى بعض إخوانه: أما بعدن فقد عاقني الشَّك فِي أَمرك عَن عَزِيمَة الرَّأْي فِيك. ابتدأتني بلطفٍ عَن غير خبرةٍ ثمَّ أعقبتني جفَاء من غير ذنبٍ، فأطمعني أولك فِي إخائك، وآيسني آخارك من وفائك. فَلَا أَنا فِي غير الرَّجَاء مجمعٌ لَك اطراحاً، وَلَا أَنا فِي غدٍ وانتظاره مِنْك على ثِقَة. فسبحان من لَو شَاءَ كشف بإيضاح الرَّأْي عَن عَزِيمَة الشَّك فِي أَمرك فَأَقَمْنَا على ائتلافٍ، أَو افترقنا على اختلافٍ. وَالسَّلَام. كَانَ عبد الله بن جَعْفَر إِذا غنته الْجَارِيَة يَقُول: أَحْسَنت إِلَيّ وَالله، وَكَانَ يتأثم أَن يَقُول: أَحْسَنت وَالله. ووفد على مُعَاوِيَة فأنزله فِي دَاره، فَقَالَت لَهُ ابْنة قرظة امْرَأَته: إِن جَارك هَذَا يسمع الْغناء فَاطلع عَلَيْهِ وجاريةٌ لَهُ تغنيه، وَتقول: إِنَّك وَالله لذُو ملةٍ ... يصرفك الْأَدْنَى عَن الْأَبْعَد وَهُوَ يَقُول: يَا صدقكاه! قَالَ ثمَّ قَالَ: اسقيني. قَالَت: مَا أسقيك؟ قَالَ: ماءٌ وَعَسَلًا. فَانْصَرف مُعَاوِيَة وَهُوَ يَقُول: مَا أرى بَأْسا.

<<  <  ج: ص:  >  >>