أما أَمِير الْمُؤمنِينَ فقد أَسف بكم إِلَى التَّوْبَة، وَغفر لكم الزلة، وَبسط لكم الْإِقَالَة بفضله. فليفرج روعكم، وليعظكم مصَارِع من كَانَ قبلكُمْ. فَهَذِهِ الحتى مِنْكُم مضرعةٌ، وَبُيُوتهمْ خاويةٌ بِمَا ظلمُوا، وَالله لَا يحب الظَّالِمين. ثمَّ نزل عَن الْمِنْبَر، وَصعد صَالح بن عَليّ بعده فَقَالَ: يَا أهل النِّفَاق، وَعمد الضَّلَالَة، أعزكم لين الإبساس وَطول الإيناس، حَتَّى ظن جاهلكم أَن ذَلِك لفلول حد، وخور قناةٍ. فَإِذا استوبأتكم الْعَافِيَة فعندي نكالٌ وفطام، وسيفٌ يعَض بالهام. وَمن خطب دَاوُد: أَيهَا الْقَوْم. حَتَّى مَتى يَهْتِف بكم صريخكم؟ أما آن لراقدكم أَن يهب من رقدته؟ بلَى و " كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ". طَال الْإِمْهَال حَتَّى حسبتموه الإهمال. هَيْهَات كَيفَ يكون ذَلِك وَالسيف مشهورٌ؟ لَا وَالله، حَتَّى يجوسكم خلال الديار. حَتَّى تبيد قبيلةٌ وقبيلةٌ ... ويعض كل مهند بالهام ويقمن ربات الْخُدُور حواسراً ... يمسحن عرض ذوائب الْأَيْتَام وَلما خرج دَاوُد إِلَى مَكَّة والياً حم فِي بعض طَرِيقه، فَكَانَ يَدْعُو الله وَيَقُول: يَا رب. الثأر ثمَّ النَّار. قَالَ عبد الصَّمد بن عَليّ: كنت عِنْد عبد الله بن عَليّ فِي عسكره بِالشَّام لما خَالف الْمَنْصُور ودعا إِلَى نَفسه، وَكَانَ أَبُو مُسلم بإزائه يقاتله، فاستؤذن لرَسُول أبي مُسلم عَلَيْهِ، فاذن لَهُ، فَدخل رجلٌ من أهل الشَّام فَقَالَ لَهُ: يَقُول لَك الْأَمِير: علام قتالك إيَّايَ وَأَنت تعلم أَنِّي أهزمك؟ فَقَالَ لَهُ: يَا بن الزَّانِيَة، وَلم تقاتليني عَنهُ وَأَنت تعلم أَنه يقتلك؟ قَالَ الْعَبَّاس بن محمدل بن عَليّ للرشيد: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. إِنَّمَا هُوَ سَيْفك ودرهمك، فازرع بِهَذَا من شكرك، واحصد بِهَذَا من كفرك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute