وَكَانَ أبوهم عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس سيداً شريفاً بليغاً، وَكَانَ يُقَال إِن لَهُ خَمْسمِائَة أصل زيتون، يصلى فِي كل يَوْم إِلَى كل أصلٍ مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَ يدعى ذَا الثفنات، وَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان يُكرمهُ. وضربه الْوَلِيد مرَّتَيْنِ بِالسَّوْطِ، إِحْدَاهمَا فِي تزَوجه لبَابَة بنت عبد الله ابنجعفر، وَكَانَت عِنْد عبد املك فَطلقهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عض تفاحةً ثمَّ رمى بهَا إِلَيْهَا - وَكَانَ أبخر - فدعَتْ بسكينٍ. فَقَالَ لَهَا: مَا تصنعين بهَا؟ فَقَالَت: أميط عَنْهَا الْأَذَى، فَطلقهَا، فَتَزَوجهَا بعده عَليّ، فَضَربهُ الويد، وَقَالَ: إِنَّمَا تتَزَوَّج أُمَّهَات أَوْلَاد الْخُلَفَاء لتَضَع مِنْهُم كَمَا فعل مَرْوَان ابْن الحكم بِأم خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة. وَأما ضربه إِيَّاه فِي الكرة الثَّانِيَة فروى عَن بَعضهم قَالَ: رَأَيْت عليا مَضْرُوبا بِالسَّوْطِ يدار بِهِ على بعيرٍ، وَجهه مِمَّا يَلِي ذَنْب الْبَعِير، وصائحٌ يَصِيح عَلَيْهِ: هَذَا عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس الْكذَّاب، فَأَتَيْته فَقلت لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي سنبونك إِلَيْهِ من الْكَذِب؟ قَالَ: بَلغهُمْ قولي إِن هَذَا الْأَمر سَيكون فِي وَلَدي. وَالله لَيَكُونن حَتَّى يملكهم عبيدهم الصغار الْعُيُون، العراض الْوُجُوه، الَّذين كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة. وروى أَنه دخل على هِشَام وَمَعَهُ ابْنا ابْنه الخليفتان أَبُو الْعَبَّاس وَأَبُو جَعْفَر، فَلَمَّا ولى قَالَ هِشَام: إِن هَذَا الشَّيْخ قد اخْتَلَّ وأسن، وَصَارَ يَقُول: إِن هَذَا الْأَمر سنتقل إِلَى وَلَده، فَسمع ذَلِك عليٌ فَالْتَفت إِلَيْهِ وَقَالَ: إِي وَالله، لَيَكُونن ذَلِك وليملكن هَذَانِ. وروى أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عليا رَضِي الله عَنهُ افْتقدَ عبد الله بن عَبَّاس وَقت صَلَاة الظّهْر، فَقَالَ لأَصْحَابه: مَا بَال أَب يالعباس لم يحضر؟ فَقيل لَهُ: ولد لَهُ مَوْلُود. فَلَمَّا صلى قَالَ: امضوا بِنَا إِلَيْهِ. فَأَتَاهُ فهنأه، فَقَالَ: شكرت الْوَاهِب فبورك لَك الْمَوْهُوب. مَا سميته؟ قَالَ: أَو يجوز لي أَن أُسَمِّيهِ حَتَّى تسميه، فَأمر بِهِ فَأخْرج إِلَيْهِ فَأَخذه وحنكه ودعا لَهُ ثمَّ رده إِلَيْهِ وَقَالَ: خُذْهُ إِلَيْك أَبَا الْأَمْلَاك. قد سميته عليا وكنيته أَبَا الْحسن. فَلَمَّا قَامَ مُعَاوِيَة بِالْأَمر قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: لَيْسَ لكم اسْمه وكنيته. لكم الِاسْم ولي الْمنية، وَقد كنيته أَبَا مُحَمَّد، فجرت عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute