للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَرَب. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: " إِنِّي لأجم نَفسِي بِشَيْء من الْبَاطِل ليَكُون أقوى لَهَا على الْحق ". وَفِي حَدِيث زيد بن ثَابت " أَنه كَانَ من أفكة النَّاس إِذا خلا مَعَ أَهله، وأزمتهم فِي الْمجْلس ". وَقَالَ عَطاء بن السَّائِب: " كَانَ سعيد بن جُبَير يقص علينا حَتَّى يبكينا، وَرُبمَا يقص علينا حَتَّى يضحكنا ". وَقَالَ الزُّهْرِيّ: " الْأذن مجاجة، وللنفس حمضة ". وَبعد، فَإِن الَّذِي يَأْتِي فِي أثْنَاء هَذَا الْكتاب من الْهزْل رُبمَا صَار دَاعِيَة لطالبه إِلَى أَن يتصفح مَا قبله من الْجد، فيعلق مِنْهُ بقليه مَا ينْتَفع بِهِ، وَيَذُوق حلاوة ثَمَرَته، وَيعرف بِهِ قبح ضِدّه، حَتَّى يصير ذَلِك لطفاً فِي النُّزُوع عَن تماديه فِي غيّه، وتهوكه فِي هزله، وَأدنى مَا فِيهِ أَن يتنزه عَن مثله، ويتحامى أَن يبدر مِنْهُ مَا عيب على غَيره من فعله، فَلَيْسَ يَخْلُو ذَلِك من نادرة ماجن لَا يتحاشى من باطله، أَو فلتة مُغفل يرْمى غير غَرَضه. وأخليت الْفَصْل الأول من هَذِه النَّوَادِر وَالْملح؛ لِأَنِّي كرهت أَن أفصل بهَا بَين كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعترته، وَبَين كَلَام أَصْحَابه وحفدته، الَّذين واسوه بِأَنْفسِهِم وَأَمْوَالهمْ، وأطاعوه فِي أَقْوَالهم وأفعالهم، وهجروا لَهُ أوطانهم وبلادهم، وقاتلوا مَعَه إخْوَانهمْ وَأَوْلَادهمْ، ووقوه بِأَنْفسِهِم حر الجلاد، وَجَاهدُوا مَعَه فِي الله حق الْجِهَاد، حَتَّى ظهر دين الله، وعلت كلمة الله، وَحَتَّى وضح الصُّبْح لذِي عينين، ببدر وَأحد وحنين. فَقدمت كَلَام أبي بكر الصّديق، إِذْ كَانَ الْمُتَقَدّم لكل ذِي صُحْبَة، وَالسَّابِق الأول من غير كبوة، قَاتل أهل الرِّدَّة الْكفَّار، وَثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار، وأتبعته بِكَلَام عمر بن الْخطاب الْقوي الْأمين، الَّذِي لم تغمز قناته فِي ذَات الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>