للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو بكر: مَا حبوناك بهَا، وَإِنَّمَا حبوناها بك. ثمَّ أنْشد سُفْيَان قَول الحطيئة: لم يؤثروك بهَا إِذْ قدموك لَهَا ... لَكِن لأَنْفُسِهِمْ كَانَت بك الإثر وَقيل لَهُ فِي مَرضه: لَو أرْسلت إِلَى الطَّبِيب! قَالَ: قد رَآنِي. قيل: فَمَا قَالَ؟ قَالَ: قَالَ إِنِّي أفعل مَا أَشَاء. وَقَالَ لخَالِد بن الْوَلِيد حِين أخرجه إِلَى أهل الرِّدَّة: احرص على الْمَوْت توهب لَك الْحَيَاة. أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مردفاً أَبَا بكر، فَكَانَ الرجل يلقى أَبَا بكر فَيَقُول: من هَذَا بَين يَديك؟ فَيَقُول: يهديني السَّبِيل. يَعْنِي الْحق. وَلما أسلم قَالَت قُرَيْش: قيضوا لأبي بكر رجلا يَأْخُذهُ. فقيّضوا لَهُ طَلْحَة بن عبيد الله، فَأَتَاهُ وَهُوَ فِي الْقَوْم فَقَالَ: يَا أَبَا بكر إليّ. قَالَ: إلام تَدعُونِي؟ قَالَ: أَدْعُوك إِلَى عبَادَة اللات والعزى. فَقَالَ أَبُو بكر: من اللات والعزى؟ قَالَ: بَنَات الله. قَالَ: فَمن أمهن؟ فَسكت. وَقَالَ لأَصْحَابه: أجِيبُوا صَاحبكُم. فَسَكَتُوا فَقَالَ طَلْحَة: يَا أَبَا بكر فَإِنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَأخذ أَبُو بكر بِيَدِهِ، فَأتى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أسلم. وَلما اسْتخْلف أَبُو بكر قَالَ للنَّاس: شغلتموني عَن تجارتي فافرضوا لي. ففرضوا لَهُ كل يَوْم دِرْهَمَيْنِ. وَلما أرادوه على الْبيعَة قَالَ: علام تبايعونني، وَلست بأقواكم وَلَا أَتْقَاكُم؟ أقواكم عمر، وأتقاكم سَالم. وَكَانَ إِذا مدح يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْت أعلم مني بنفسي، وَأَنا أعلم مِنْهُم بنفسي، اللَّهُمَّ اجْعَلنِي خيرا مِمَّا يحسبون، واغفر مَالا يعلمُونَ، وَلَا تؤاخذني بِمَا يَقُولُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>