للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْن الَّذين كَانُوا يُعْطون الْغَلَبَة فِي مَوَاطِن الْحَرْب؟ تضعضع بهم الدَّهْر وصاروا رميماً. أَيْن من كُنْتُم تعرفُون من آبائكم وأبنائكم، وَإِخْوَانكُمْ وقراباتكم؟ وردوا على مَا قدمُوا، وخلوا يالشقاوة والسعادة فِيمَا بعد الْمَوْت. اعلموا عباد الله أَن الله لَيْسَ بَينه وَبَين أحد من خلقه نسب يُعْطِيهِ خيرا، وَلَا يدْفع عَنهُ ضراً إِلَّا بِطَاعَتِهِ، وَاتِّبَاع أمره. فَإِن أَحْبَبْتُم أَن تسلم دنياكم وآخرتكم فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا، وَلَا تفَرقُوا فَتفرق بكم السبل، وَكُونُوا إخْوَانًا كَمَا أَمركُم الله. أَقُول قولي هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله لي وَلكم. لما قَالَت الْأَنْصَار: منا أَمِير ومنكم أَمِير. قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: إِنَّا معشر هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش أكْرم النَّاس أحساباً، وأثقبهم أنساباً، ثمَّ نَحن بعد عترة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي خرج مِنْهَا، وبيضته الَّتِي تفقأت عَنهُ، وَإِنَّمَا جيبت الْعَرَب عَنَّا كَمَا جيبت الرحا عَن قطبها. وَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن ابْنه: لقد أهدفت لي يَوْم بدر فضفت عَنْك، فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: لكنك لَو أهدفت لي لم أضف عَنْك. وَرَأى أَبَا ذَر فحنا عَلَيْهِ، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا قَالَ فِيك، فأعوذ الله أَن أكون صَاحبك. وَقَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل: " من يعْمل سوءا يجز بِهِ " فاقرأنيها، فَلَا أعلم إِلَّا وجدت لَهَا انقصاماً فِي ظَهْري حَتَّى تمطيت لَهَا. وَمر بِحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا يلْعَب مَعَ الصّبيان فاحتمله. وَقَالَ: بِأبي شَبيه النَّبِي لَيْسَ بشبه لعَلي. وَقَامَ عمر يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَأنكر الصُّلْح، فَقَالَ أَبُو بكر: استمسك بغرزه، فَإِنَّهُ على الْحق. وخطب فَقَالَ: إِنَّكُم تقرءون هَذِه الْآيَة " لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ ". وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " النَّاس إِذا رَأَوْا الْمُنكر فَلم ينكروه يُوشك أَن يعمهم الله بعقاب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>