للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى تُؤَدّى فريضته، وَإِنَّمَا ثقلت مَوَازِين من ثقلت موازينهم يَوْم الْقِيَامَة باتبَاعهمْ الْحق فِي الدُّنْيَا، وَثقله عَلَيْهِم، وَحقّ لِمِيزَانٍ يوضع فِيهِ الْحق أَن يكون ثقيلاً، وَإِنَّمَا خفّت مَوَازِين من خفت موازينهم يَوْم الْقِيَامَة باتبَاعهمْ الْبَاطِل، وَخِفته عَلَيْهِم، وَحقّ لِمِيزَانٍ لَا يوضع فِيهِ إِلَّا الْبَاطِل أَن يكون خَفِيفا. إِن الله ذكر أهل الْجنَّة فَذكرهمْ بِأَحْسَن أَعْمَالهم وَتجَاوز عَن سيئاتهم، فَإِذا ذكرتهم أَقُول: إِنِّي أَرْجُو أَن أكون من هَؤُلَاءِ، وَذكر أهل النَّار فَذكرهمْ بأسوء أَعْمَالهم وَلم يذكر حسناتهم، فَإِذا ذكرتهم قلت: إِنِّي لأخاف أَن أكون من هَؤُلَاءِ. وَذكر الرَّحْمَة مَعَ آيَة الْعدْل ليَكُون العَبْد رَاغِبًا رَاهِبًا لَا يتَمَنَّى على الله عز وَجل غير الْحق، وَلَا يلقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة. فَإِن حفظت وصيتي فَلَا يكونن غَائِب أحب إِلَيْك من الْمَوْت، وَهُوَ آتِيك، وَإِن أضعت وصيتي فَلَا يكونن غَائِب أبْغض إِلَيْك من الْمَوْت، وَلست بمعجز الله عز وَجل. وَرُوِيَ أَنه لما أَرَادَ الْوَصِيَّة قَالَ لعُثْمَان: اكْتُبْ. فَكتب: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. هَذَا مَا أوصى بِهِ أَبُو بكر بن أبي قُحَافَة فِي أول عَهده بِالآخِرَة دَاخِلا فِيهَا. وَآخر عَهده بالدنيا خَارِجا مِنْهَا، حَيْثُ يصدق الْكَاذِب، ويؤمن الْكَافِر الجاحد: إِنِّي اسْتخْلفت عَلَيْكُم من بعدِي. قَالَ: ثمَّ أَدْرَكته غشية، فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: مَا كتبت؟ قلت: كتبت عمر بن الْخطاب. قَالَ: موفّقاً رشيدا، أما إِنَّك لَو تركته مَا عذرتك. وَكَانَ إِذا عزى رجلا قَالَ: لَيْسَ مَعَ العزاء مُصِيبَة، وَلَا مَعَ الْجزع فَائِدَة، وَالْمَوْت اشد مَا قبله وأهون مَا بعده، واذْكُرُوا فقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تذل عنْدكُمْ مصيبتكم، وَعظم الله أجركُم. وَمر بِهِ رجل وَمَعَهُ ثوب، فَقَالَ: أتبيع الثَّوْب؟ فَقَالَ: لَا، عافاك الله. فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: قد علمْتُم لَو تعلمُونَ. قل: لَا، وعافاك الله. وَقَالَ: أَربع من كن فِيهِ كَانَ من خِيَار عباد الله: من فَرح للتائب، واستغفر للمذنب، ودعا للْمَدِين، وأعان المحسن على إحسانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>