قيل: أهْدى رجل إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ جزوراً، ثمَّ خَاصم إِلَيْهِ بعد ذَلِك فِي خُصُومَة، فَجعل يَقُول: افصلها يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كفصل رجل الْجَزُور، فاغتاط عمر رَضِي الله عَنهُ، وَقَالَ: يَا معشر الْمُسلمين؛ إيَّاكُمْ والهدايا فَإِن هَذَا أهْدى إليّ مُنْذُ أَيَّام رجل جزور، فوَاللَّه مَا زَالَ يُرَدِّدهَا حَتَّى خفت أَن أحكم بِخِلَاف الحكم. وَلما حصر أَبُو عُبَيْدَة كتب إِلَيْهِ عمر رَضِي الله عَنهُ: مهما ينزل بامرئ من شدَّة يَجْعَل الله بعْدهَا فرجا، إِنَّه لن يغلب عسر يسرين، إِنَّه يَقُول: " اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ تفلحون ". وَقَالَ: ثَلَاث يثبتن لَك الود فِي صدر أَخِيك: أَن تبدأه بِالسَّلَامِ، وَتوسع لَهُ فِي الْمجْلس، وَتَدْعُوهُ بِأحب الْأَسْمَاء إِلَيْهِ. وَقَالَ رَضِي الله عَنهُ: من أفضل مَا أَعْطيته الْعَرَب الأبيات يقدمهَا الرجل أَمَام حَاجته، يستعطف بهَا الْكَرِيم، وَيُسْتَنْزَلُ بهَا اللَّئِيم. وَقدم مُعَاوِيَة عَلَيْهِ وَهُوَ أبضّ النَّاس، فَضرب عمر رَضِي الله عَنهُ بِيَدِهِ على عضده، فاقلع عَن مثل الشَّرَاب فِي لَونه أَو مثل الشرَاك. فَقَالَ: إِن هَذَا وَالله لتشاغلك بالحمامات، وذوو الْحَاجَات تقطع أنفسهم حسراتٍ على بابك. وَقَالَ لربيع بن زِيَاد الْحَارِثِيّ: يَا ربيع؛ إِنَّا لَو نشَاء ملأنا هَذِه الرحاب من صلائق وسبائك وَصِنَاب وَلَكِنِّي رَأَيْت الله عز وَجل نعى على قوم شهواتهم، فَقَالَ: " أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا ". وَقَالَ: علمُوا أَوْلَادكُم العوم والرماية، ومروهم فليثبوا على الْخَيل وثباً، ورووهم مَا جمل من الشّعْر، وَخير خلق الْمَرْأَة المغزل. وَقَالَ: لَو كَانَ الصَّبْر وَالشُّكْر بَعِيرَيْنِ مَا باليت أَيهمَا أركب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute