لَئِن فعلوا لتفعلن، وَلَئِن فعلت ليفعلن. ثمَّ أَخذ بناصيته فناجاه، ثمَّ قَالَ: إِذا كَانَ ذَاك فاذكر قولي هَذَا، فَإِنَّهُ كَائِن. وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ للأحنف: من كثر ضحكه قلت هيبته، وَمن أَكثر من شَيْء عرف بِهِ، وَمن كثر مزاحه كثر سقطه، وَمن كثر سقطه قلّ ورعه، وَمن قل ورعه ذهب حياؤه، وَمن ذهب حياؤه مَاتَ قلبه. وَكتب إِلَى أبي مُوسَى: أما بعد؛ فَإِن للنَّاس نفرة عَن سلطانهم، فأعوذ بِاللَّه أَن تدركني وَإِيَّاك عمياء مَجْهُولَة، وضغائن مَحْمُولَة، وَأَهْوَاء متبعة، وَدُنْيا مُؤثرَة؛ فأقم الْحُدُود وَلَو سَاعَة من نَهَار، فَإِن عرض لَك أَمْرَانِ: أَحدهمَا لله، وَالْآخر للدنيا، فآثر نصيبك من الْآخِرَة، فَإِن الدُّنْيَا تنفد وَالْآخِرَة تبقى، وَكن من خشيَة الله على وَجل، وأخف الْفُسَّاق، واجعلهم يدا يدا ورجلاً رجلا. وَإِذا كَانَت بَين الْقَبَائِل نائرة، ودعوا: يَا لفُلَان، فَإِنَّمَا تِلْكَ النَّجْوَى من الشَّيْطَان، فاضربهم بِالسَّيْفِ حَتَّى يفيئوا إِلَى الله، وَتَكون دَعوَاهُم إِلَى الله وَإِلَى الْإِسْلَام. وَقد بلغ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن ضبة تَدْعُو: بالضبة، وَإِنِّي وَالله مَا أعلم أَن ضبة سَاق الله بهَا خيرا قطّ، وَلَا منع بهَا شرا قطّ. فَإِذا جَاءَك كتابي هَذَا فأنهكهم عُقُوبَة، حَتَّى يفرقُوا إِن لم يفقهوا. والصق بغيلان بن خَرشَة من بَينهم. وعد مرضى الْمُسلمين، واشهد جنائزهم؛ وَافْتَحْ بابك، وباشر أَمرهم بِنَفْسِك، فَإِنَّمَا أَنْت رجل مِنْهُم، غير أَن الله جعلك أثقلهم حملا. وَقد بلغ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنه فَشَا لَك وَلأَهل بلدك هَيْئَة فِي لباسك، ومطعمك ومركبك لَيْسَ للْمُسلمين مثلهَا، فإياك يَا عبد الله أَن تكون بِمَنْزِلَة الْبَهِيمَة الَّتِي حلت بواد خصب، فَلم يكن لَهَا هم إِلَّا السّمن، وَاعْلَم أَن لِلْعَامِلِ مردا إِلَى الله، فَإِذا زاغ الْعَامِل زاغت رَعيته، وَإِن أَشْقَى النَّاس من شقيت بِهِ رَعيته، وَالسَّلَام.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute