للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ: إِن لَك فِي مَالك شَرِيكَيْنِ: الْحدثَان وَالْوَارِث، فَإِن قدرت ألاّ تكون أخس الشُّرَكَاء حظاً فافعل. وَلما أَمر عُثْمَان بتسييره إِلَى الربذَة قَالَ لَهُ: إِنِّي سَائِر إِلَى ربذتك، فَإِن مت بهَا فَأَنا طريدك، فَإِذا بَعَثَنِي رَبِّي حكم بيني وَبَيْنك. قَالَ: إِذا أحجك، إِنَّك تبغي عليّ وتسعى. قَالَ أَبُو ذَر: إِن كنت أَنْت الْحَاكِم فاحججني، إِن الحكم يَوْمئِذٍ لَا يقبل الرِّشْوَة، وَلَا بَينه وَبَين أحد قرَابَة. نظر عُثْمَان إِلَى عير مقبلة، فَقَالَ لأبي ذَر: مَا كنت تحب أَن تكون هَذِه العير؟ قَالَ: رجَالًا مثل عمر. وَكَانَ يَقُول: إِنَّمَا مَالك لَك، أَو للجائحة، أَو للْوَارِث، فَلَا تكن أعجز الثَّلَاثَة. وَقيل لَهُ: أَتُحِبُّ أَن تحْشر فِي مسلاخ أبي بكر؟ قَالَ: لَا. قيل: وَلم؟ قَالَ: لِأَنِّي على ثِقَة من نَفسِي وَشك من غَيْرِي. وَشَتمه رجل، فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَر: ياهذا لَا تغرق فِي سبنا ودع للصلح موضعا، فَإنَّا لَا نكافئ من عصى الله فِينَا بِأَكْثَرَ من أَن نطيع الله فِيهِ. وَقَالَ أَبُو ذَر: مَا تقدر قُرَيْش أَن تفعل بِي؟ وَالله للذل أحب إليّ من الْعِزّ. ولبطن الأَرْض أحب إليّ من ظهرهَا. وَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِن آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم الأسرة من نوح، والآل من إِبْرَاهِيم، والصفوة والسلالة من إِسْمَاعِيل، والعترة الطّيبَة الهادية من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنزلوا آل مُحَمَّد بِمَنْزِلَة الرَّأْس من الْجَسَد، بل بِمَنْزِلَة الْعَينَيْنِ من الرَّأْس، فَإِنَّهُم فِيكُم كالسماء المرفوعة، وكالجبال المنصوبة، وكالشمس الضاحية، وكالشجرة الزيتونة أَضَاء زيتها وبورك زندها. وَقيل لَهُ: مَا تَقول فِي النَّبِيذ؟ قَالَ: شربه حَلَال، وتركة مُرُوءَة. وَقَالَ لغلامه: لم أرْسلت الشَّاة على علف الْفرس. قَالَ: أردْت أَن أغيظك. قَالَ: لأجمعن مَعَ الغيظ أجرا، أَنْت حر لوجه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>