للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا أَبَا الْمسور إِنَّك فِي الْمَسْجِد. فَقَالَ: من قادني؟ قَالُوا: نعيمان. قَالَ: لله عليّ أَن أضربه ضَرْبَة بعصاي إِن وجدته. فَبلغ ذَلِك نعيمان. فجَاء يَوْمًا فَقَالَ: يَا أَبَا الْمسور، هَل لَك فِي نعيمان؟ قَالَ: نعم. قَالَ: هُوَ ذَا يُصَلِّي، وَأخذ بِيَدِهِ فجَاء بِهِ إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يُصَلِّي، وَقَالَ: هَذَا نعيمان. فعلاه بعصاه. وَصَاح النَّاس: ضربت أَمِير الْمُؤمنِينَ. فَقَالَ: من قادني؟ قَالُوا: نعيمان. قَالَ: لَا جرم. لَا عرضت لَهُ بشر أبدا. وَكَانَ نعيمان يُصِيب الشَّرَاب، وَكَانَ يُؤْتى بِهِ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فيضربه بنعليه، وَيَأْمُر أَصْحَابه فَيَضْرِبُونَهُ بنعالهم، ويحقون عَلَيْهِ التُّرَاب، فَلَمَّا كثر ذَلِك قَالَ لَهُ رجل: لعنك الله. فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: لَا تفعل؛ فَإِنَّهُ يحب الله وَرَسُوله. نظر أَبُو حَازِم الْمَدِينِيّ - وَكَانَ من اعبد النَّاس وأزهدهم - إِلَى امْرَأَة تَطوف بِالْبَيْتِ مسفرة، أحسن من خلق الله وَجها، فَقَالَ: أيتها الْمَرْأَة اتَّقِ الله، فقد شغلت النَّاس عَن الطّواف. فَقَالَت: أَو مَا تعرفنِي؟ قَالَ: من أَنْت؟ فَقَالَت: من اللاء لم يحججن يبغين حسبَة ... وَلَكِن ليقْتلن البريء المغفلا فَقَالَ: فَإِنِّي أسأَل الله أَلا يعذب هَذَا الْوَجْه الْحسن بالنَّار، فَبلغ ذَلِك سعيد بن الْمسيب، فَقَالَ رَحمَه الله: أما وَالله لَو كَانَ بعض بغضاء عباد الْعرَاق لقَالَ: أعزبي يَا عدوة الله، وَلكنه ظرف أهل الْحجاز. حج الْأَعْمَش، فَلَمَّا أحرم لاحاه الْجمال فِي شَيْء، فَرفع عكازه فَشَجَّهُ بِهِ، فَقيل لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّد؛ وَأَنت محرم؟ فَقَالَ: إِن من تَمام الْإِحْرَام شج الْجمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>