دخل الشّعبِيّ وَلِيمَة فَقَالَ: مَا بالكم كأنكم اجْتَمَعْتُمْ على جَنَازَة؟ أَيْن الْغناء والدف؟ قَالَ الْأَعْمَش لجليس لَهُ: تشْتَهي سمكًا زرق الْعُيُون بيض الْبُطُون، سود الظُّهُور، وأرغفة بَارِدَة لينَة، وخلاً حاذقاً؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فانهض بِنَا. قَالَ الرجل: فَنَهَضت مَعَه وَدخل وَدخلت مَعَه. فَقَالَ: جر تِلْكَ السلَّة. قَالَ: فكشفتها فَإِذا فِيهَا رغيفان يابسان وسكرجة وكامخ وشبث، فَجعل يَأْكُل وَقَالَ: تعال وكل. قلت: فَأَيْنَ السّمك؟ قَالَ: مَا قلت لَك إِن عِنْدِي سمكًا، إِنَّمَا قلت لَك: أتشتهيه؟ . وَاشْترى جَارِيَة فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: كَيفَ رَأَيْتهَا؟ قَالَ: فِيهَا من صفة الْجنَّة خصلتان: برد وسعة. وحدّث سُلَيْمَان مولى الشّعبِيّ، أَن الشّعبِيّ كَانَ إِذا اختضب فغرض لاعب ابْنَته بالنرد حَتَّى يعلق الخضاب. قَالَ حَفْص بن غياث: أتيت بَاب الْأَعْمَش فَسَأَلته عَن حَدِيث، فألجأني إِلَى الْحَائِط، وعصر حلقي وأفلتني، فعدوت وَقلت: وَالله لأشكونك إِلَى أبي. فَقَالَ: ردُّوهُ، لَا يقْعد لنا فِي طَرِيق الْخَيْر. وَكَانَ غياث أَبوهُ يجرى على الْأَعْمَش ذكر أَن ميسرَة الْمَكِّيّ قَالَ: لما نفى المتَوَكل يحيى بن أَكْثَم إِلَى مَكَّة كُنَّا ندخل إِلَيْهِ، فَذكرت لَهُ فَأَرَادَ مداعبتي ليتسقطني فَقَالَ: كم سنك؟ قلت: أعزّك الله، أَنا أذكر موت الرشيد، وَأَنا قَابض على لحيتي. وَقبض على لحيته. قَالَ: فاشتغل يحيى بِالْحِسَابِ، وَبَقِي النَّاس ينظرُونَ، ثمَّ فطن فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: نعم أَنا أذكر موت آدم وَأَنا قَابض على لحيتي. قَالَ: وَلم يعد إِلَى شَيْء من مداعبتي. وَسَأَلَ يحيى عَن أَخْبَار النَّاس فَقيل لَهُ: ولّي بغا الْكَبِير حَرْب دمشق، وَجعل لَهُ أَنه أَمِير كل مَوضِع دخله. فَقَالَ يحيى: وَإِن دخل من حَيْثُ خرج! ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute