للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلس مُحَمَّد بن عبد الْملك يَوْمًا للمظالم، وَحضر فِي جملَة النَّاس رجل زيه زِيّ الْكتاب، فَجَلَسَ بإزائه، وَمُحَمّد ينفذ الْكَلَام، وَهُوَ لَا يتَكَلَّم. وَمُحَمّد يتأمله، فَلَمَّا خف مَجْلِسه قَالَ لَهُ: مَا حَاجَتك؟ قَالَ: السَّاعَة أذكرها. فَلَمَّا خلا الْمجْلس تقدم وَقَالَ: جئْتُك أصلحك الله متظلماً. قَالَ: مِمَّن؟ قَالَ: مِنْك. قَالَ: مني؟ قَالَ: نعم. ضَيْعَة لي فِي يَد وكيلك يحمل إِلَيْك غَلَّتهَا ويحول بيني وَبَينهَا. قَالَ: فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: تكْتب بتسليمها إليّ. قَالَ: هَذَا نحتاج فِيهِ إِلَى شُهُود وَبَيِّنَة وَأَشْيَاء كَثِيرَة. قَالَ الرجل: الشُّهُود هم الْبَيِّنَة و " أَشْيَاء كَثِيرَة " عيّ مِنْك. فَخَجِلَ مُحَمَّد وهاب الرجل، وَكتب لَهُ بِمَا أرضاه. قَالَ الْحجَّاج ليحيى بن سعيد بن الْعَاصِ: أَخْبرنِي عبد الله بن هِلَال صديق إِبْلِيس أَنَّك تشبه إِبْلِيس. قَالَ: وَمَا يُنكر الْأَمِير أَن يكون سيد الْإِنْس يشبه سيد الْجِنّ. لما هرب ابْن هُبَيْرَة من خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي قَالَ لَهُ: أبقت إباق العَبْد. فَقَالَ لَهُ: نعم حِين نمت نومَة الْأمة عَن عَجِينهَا. دخل رجل من ولد قُتَيْبَة بن مُسلم الْحمام، وبشار بن برد فِي الْحمام، فَقَالَ: يَا أَبَا معَاذ وددت أَنَّك مَفْتُوح الْعين. قَالَ: وَلم؟ قَالَ: لترى استي فتعرف أَنَّك قد كذت فِي شعرك حَيْثُ تَقول: على أستاه سادتهم كتاب ... " موَالِي عَامر " وسم بِنَار قَالَ: غَلطت يَا ابْن أخي. إِنَّمَا قلت: على أستاه سادتهم، وَلَيْسَت مِنْهُم. دخل إِيَاس بن مُعَاوِيَة الشَّام وَهُوَ غُلَام، فَقدم خصما لَهُ - وَكَانَ شَيخا كَبِيرا - إِلَى قَاضِي عبد الْملك، فَقَالَ لَهُ القَاضِي: أتقدم شَيخا كَبِيرا؟ قَالَ: الْحق أكبر مِنْهُ. قَالَ: اسْكُتْ. قَالَ: فَمن ينْطق بحجتي؟ قَالَ: لَا أَظُنك تَقول حَقًا حَتَّى تقوم. قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله. فَقَامَ القَاضِي فَدخل على عبد الْملك من

<<  <  ج: ص:  >  >>