للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسرق آخر جرة فَأَخَذُوهَا مِنْهُ وَأَرَادُوا ضربه، وَقَالُوا: يَا عَدو الله تسرق جرتنا؟ فَقَالَ: مَا هَذِه جرتكم، هَذِه وَالله عندنَا مذ هِيَ كوز! فضحكوا مِنْهُ وتركوها لَهُ. قَالَ مديني لآخر: أَيَسُرُّك أَن هَذِه الدَّار لَك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وَلَيْسَ إِلَّا نعم؟ قَالَ: وَكَيف أَقُول؟ قَالَ: تَقول نعم، وأحمّ سنة. قَالَ: نعم وَأَنا أَعور. وَقَالَ وَاحِد مِنْهُم لآخر: أَيَسُرُّك أَن تعيش حَتَّى تجئ حليمة من إفريقية مشياً إِلَيْك؟ قَالَ: وَأَنت يَسُرك ذَلِك؟ قَالَ: أَخَاف وَالله أَن يَقُول إِنْسَان هِيَ بمخيض فيغشى عليّ. ومخيض على بريد من الْمَدِينَة. وَقَالَ آخر لامْرَأَته: لَا جَزَاك الله خيرا فَإنَّك غير مرعية وَلَا مبقية. قَالَت: لأَنا وَالله أرعى وَأبقى من الَّتِي كَانَت قبلي. قَالَ: فَأَنت طَالِق إِن لم أكن آتيها بجرادة فتطبخ مِنْهَا أَرْبَعَة ألوان وتشوى جنبيها. فَرَفَعته إِلَى القَاضِي، فَجعل القَاضِي يطْلب لَهُ الْمخْرج، فَقَالَ للْقَاضِي: أصلحك الله، أشكلت عَلَيْك؟ هِيَ طَالِق عشْرين. شتم مديني أَبَا هُرَيْرَة، فَقيل لَهُ: أتشتم رجلا من أَصْحَاب النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام؟ فَقَالَ: ظننته أنس بن مَالك. مطر أهل الْمَدِينَة سِتّ لَيَال مُتَوَالِيَات، حَتَّى كَاد أَهلهَا يغرقون، فَقَالَ بَعضهم: إِن مُطِرْنَا السَّابِعَة أصبح أهل السَّمَاء فِي مفازة لَا يَجدونَ حسوة مَاء. نزل على مديني أضياف فتسترت امْرَأَته مِنْهُم وتخفرت. فَقَالَ لَهَا زَوجهَا: لَوَدِدْت أَن فِي الدُّنْيَا عينا تشتهيك، وَأَنَّك أثقلت فِي كل يَوْم بتوأمين. نظر مديني إِلَى قوم يستسقون وَمَعَهُمْ الصّبيان، فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: نرجو بهم الْإِجَابَة. قَالَ: لَو كَانَ دعاؤهم مجاباً لما بَقِي فِي الأَرْض معلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>