للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلَم يَوْمًا عِنْد مُعَاوِيَة الخطباء فَأحْسنُوا وَأَكْثرُوا، فَقَالَ: وَالله لأرمينَّهم بالخطيب الأشدقِ، قُم يَا يزِيد فتكلَّم قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: كَانَ يُقال ليزِيد بن مُعَاوِيَة: أَبُو القرود، وَذَلِكَ أَنه كَانَ معجباً بهَا، وأدب قِرداً وَاسْتَعْملهُ على خَمْسمِائَة رجل من أهل الشَّام، وَكَانَ يكنى أَبَا قيس، فصاد مرّة حمَار وَحش، فَحمل أَبى قيسٍ عَلَيْهِ، وخلّى عَنهُ فطار بِهِ، وَخرج من مَسْكَنه، وَلَزِمَه القردُ، فَجعل يزِيد يصيحُ بِهِ: تمسَّك أَبَا قيسٍ بفضلِ عنانها ... فَلَيْسَ عَلَيْهَا إِن هَلَكت ضمانُ. وَقيل ليزِيد: مَا الْجُود؟ قَالَ: إعطاءُ المالِ من لَا تعرف، فَإِنَّهُ لَا يصير إِلَيْهِ حَتَّى يتخطَّى من تعرِف. وخطب بِدِمَشْق فَقَالَ: أَيهَا الناسُ، سافروا بأبصاركم فِي كرُّ الجديدين، ثمَّ أرجعوها كليلة عَن بلوغِ الأمل. وإنَّ الْمَاضِي عظةٌ للْبَاقِي، وَلَا تجْعَلُوا الغرورَ سبيلَ العجزِ عَن الْجد، فتنقطع حجتُكُم فِي موقفٍ الله سَائِلكُمْ فِيهِ، محاسِبُكم على مَا أسلفتم. أيُّها النَّاس، أمس شَاهد فَاحْذَرُوهُ، وَالْيَوْم مؤدِّبٌ فاعرِفوه، وغدٌ رسولٌ فأكرِموه، وَكُونُوا على حذر من هجومِ الْقدر، فَإِن أَعمالكُم مطيات آجالكم والصراطُ ميدانٌ يكثر فِيهِ العثارُ، والسالمُ نَاجٍ، والعاثِرُ فِي النَّار. يرْوى: أَن عبد الله بن يزِيد بن مُعَاوِيَة أَتَى أَخَاهُ خَالِدا فَقَالَ: يَا أخي، لقد هممتُ اليومَ أَن أفتِك بالوليد بن عبد الْملك، فَقَالَ لَهُ خَالِد: بئسَ وَالله مَا هننتَ بِهِ فِي ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ، وولِيّ عهد الْمُسلمين فَقَالَ: إِن خيلي مرت بِهِ فتعبَّثَ بهَا، وأصغرني، فَقَالَ لَهُ خَالِد: أَنا أكفيكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>