للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: تعلمُ أنهُ كَانَ بَين حيَّينِ من العداوةِ والبغضاء، مَا كَانَ بينَ آل الزبير وبيننا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فإنْ تزوجي إِلَى آل الزبير حلَّل لَهُم مَا كَانَ فِي قلبِي، فَمَا أهل البيتِ أحبُّ إليَّ مِنْهُم. قَالَ: إِن ذَلِك ليَكُون؟ قَالَ: فكيفَ أذِنْت للحجاج أَن يتزوَّجَ من بني هَاشم، وَأَنت تعلمُ مَا يَقُولُونَ ويُقالُ فيهم، وَالْحجاج من سلطانِك بحيثُ علمْتَ. قَالَ: فجزاهُ خيرا. وَكتب إِلَى الْحجَّاج يعزمُ عَلَيْهِ أَن يطلِّقها، فطلَّقها. فغدا النَّاس يعزُّونه عَنْهَا. وَكَانَ فِيمَن أَتَاهُ عَمْرو بن عتبةَ بن أبي سُفْيَان، فأوقعَ الْحجَّاج بخالدٍ. فَقَالَ: كَانَ الأمرُ لِآبَائِهِ فعجِزَ عَنهُ حَتَّى انتُزِعَ مِنْهُ. فَقَالَ لَهُ عَمْرو: لَا تقُل ذَلِك أَيهَا الْأَمِير، فَإِن لخالدٍ قَدِيما سبق إِلَيْهِ، وحديثاً لنْ يًغْلَبَ عَلَيْهِ فَلَو طلب الْأَمر لطلبهِ بجد وجَدٍّ، وَلَكِن علم علما فَسلم الْعلم إِلَى أَهله. فَقَالَ: الحجاجُ: يَا آل أبي سُفْيَان، أَنْتُم تحبُّون أَن تحلُموا، وَلَا يكون الْحلم إِلَّا عَن غضب، فنحنُ نغضبكم فِي العاجل ابتغاءَ مرضاتكم فِي الآجل. ثمَّ قَالَ الْحجَّاج: وَالله لأتزوَّجنَّ من هُوَ أمسُّ بهِ رحما، ثمَّ لَا يُمكنهُ فِيهِ شَيْء، فَتزَوج أم الْجلاس بنت عبد الله بن خَالِد بن أسيد. تهدد عبد الْملك خَالِدا بالحرمان، فَقَالَ خَالِد: أتُهدِّدني، ويَدُ الله فَوْقك مانعةٌ، وعطاءُ الله دونكَ مبذولٌ؟ قَالَ رجل لخَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة: مَا أقربُ شيءٍ؟ قَالَ: الْأَجَل. قيل: فَمَا أبعدُ شيءٍ؟ قَالَ: الأمل. قيل: فَمَا آنس شيءٍ؟ قَالَ: الصاحبُ المُواتي. قيل: فَمَا أوحشُ شيءٍ؟ قَالَ: الميِّت. دخل عبد الْملك بن مَرْوَان على يزِيد بن مُعَاوِيَة. فَقَالَ: يَا أميرَ الْمُؤمنِينَ، إِن لَك أَرضًا بوادي القُرى لَيست لَهَا غلَّة، فَإِن رأيتَ أَن تأْمرَ لي بهَا. فَقَالَ لَهُ يزِيد: إِنَّا لَا نُخدع عَن الصَّغِير، وَلَا نبخَلُ بالكبير، وَهِي لَك. فلمَّا ولىَّ قَالَ يزِيد: إِن أهل الْكتب يدَّعون أَن هَذَا يَرث مَا نَحن فِيهِ، فَإِن كَانَ كَمَا قَالُوا فقد صانعناه، وَإِن لم يكن فقد وصلْناه. وَلما ولىَّ يزِيد مسلمَ بنَ زِيَاد خُرَاسَان قَالَ لَهُ: إِن أَبَاك كفى أَخَاك عَظِيما، وَقد استكفيتُك صَغِيرا، فَلَا تتَّكِلنَّ على عذرٍ مني، فَإِنِّي قد اتكلتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>