للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكتب إِلَيْهِ مرّة: أما بعد، فَإنَّك سالمٌ والسلامُ. يريدُ قَوْله: يُديرونني عَن سالمٍ وأُديرَهم ... وجِلْدَةُ بَين العينِ والأنفِ سالمُ وَقَالَ عبد الْملك لعبد الله بن مسْعدَة الْفَزارِيّ: أَتَدْرِي أَي النِّسَاء أفضل؟ قَالَ: اللَّواتي يَقُول أهل الرجل قد سحرتهُ. وَقيل لَهُ عَجِلَ عليكَ الشيبُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: وَكَيف لَا يعجل عليَّ، وَأَنا أعرضُ عَقْلِي على الناسِ كل جُمُعَة مرّة أَو مرَّتَيْنِ. يَعْنِي خُطْبةُ الْجُمُعَة وَبَعض مَا يعرض من الْأُمُور. وخطب مرّة فَقَالَ: إِنِّي وَالله مَا أَنا بالخليفة المستضعفِ - يَعْنِي: عُثْمَان - وَلَا أَنا بالخليفة المداهِنِ - يَعْنِي: مُعَاوِيَة - وَلَا أَنا بالخليفة المأْبون يَعْنِي يزِيد. وَقَالَ: لَو ألقيتُ الخيزُرانةَ من يَدي لذهب شطرُ كَلَامي. وَقَالَ لمعلِّم ولدِه: علِّمهم العومَ، وخُذْهم بقلَّةِ النّوم. وَقَالَ عبد الْملك: لقد كنت أَمْشِي فِي الزَّرْع فأتقي الجندب أَن أَقتلهُ، وإنَّ الْحجَّاج ليكتب إليّ فِي قتل فئامٍ من النَّاس فَمَا أحفل بذلك. وَمن كَلَامه: لَا تُلْحِفوا إِذا سَأَلْتُم، وَلَا تبخَلوا إِذا سُئِلْتُم. وَنظر إِلَى عُمَرَ بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ غُلَام، فَقَالَ: إنِّي لأرى غُلَاما أوشكت همَّتَهُ أَن ترفعهُ عَن الدُّنْيَا. وَكَانَ عبد الْملك بَخِيلًا، فَقَالَ يَوْمًا لكُثَيِّر: أَي الشّعْر أفضل؟ فَقَالَ: كُثير يُعَرِّضُ ببخْلِهِ: أفضله قَول المقنَّع الكنْدي: إنِّي أُحَرِّضُ أهلَ الْبُخْل كلُّهُم ... لَو كَانَ ينفعُ أهل البخلِ تحريضي وَهِي أَبْيَات، فَقَالَ عبد الْملك - وَعرف مَا أَرَادَ - الله أصدقُ من المقنَّع إِذْ يَقُول: " والذينَ إِذا أَنْفقُوا لَم يُسرِفوا وَلم يَقْتروا وَكَانَ بَين ذَلِك قَواما ".

<<  <  ج: ص:  >  >>