قَالَ سُلَيْمَان ليزِيد بن الْمُهلب: ثَلَاث أنكرهن مِنْك، خفك أَبيض مثل ثَوْبك، وَلَا يكون خف الرجل مثل ثَوْبه، وطيبك ظَاهر، وَطيب الرجل يشم وَلَا يرى أَثَره، وتكثر من مس لحيتك. قَالَ: فَغير خفه وطيبه. وَقَالَ: مَا رَأَيْت عَاقِلا بهم أمرٍ إِلَّا كَانَ معوله على لحيته. وخطب فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي مَا شَاءَ صنع، وَمن شَاءَ رفع، وَمن شَاءَ وضع، وَمن شَاءَ أعْطى وَمن شَاءَ منع. إِن الدُّنْيَا دَار غرور، ومنزل بَاطِل وزينة، تقلب بِأَهْلِهَا، تضحك باكياً، وتبكي ضَاحِكا، وتخيف آمنا، وتؤمن خَائفًا، تفقر مثريها، وتقرب مقصيها، ميالة لاعبة بِأَهْلِهَا. عباد الله، اتَّخذُوا كتاب الله إِمَامًا، وارضوا بِهِ حكما، واجعلوه لكم قائداً، فَإِنَّهُ نَاسخ لما كَانَ قبله، وَلنْ ينسخه كتاب بعده. اعلموا عباد الله: أَن هَذَا الْقُرْآن يجلو كيد الشَّيْطَان وضغائنه، كَمَا يجلو ضوء الصُّبْح إِذا تنفس أدبار اللَّيْل إِذا عسعس. وَكَانَ سُلَيْمَان يَقُول: الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث يفخم اللّحن كَمَا يفخم نَافِع بن جُبَير الْإِعْرَاب. وَجمع بَين الزُّهْرِيّ وَقَتَادَة، فغلب قَتَادَة الزُّهْرِيّ، فَقيل لِسُلَيْمَان فِي ذَلِك، فَقَالَ: إِنَّه فَقِيه مليح. وَقيل: كَانَ أول كَلَام بارع سمع من سُلَيْمَان قَوْله: الْكَلَام فِيمَا يَعْنِيك خيرٌ من السُّكُوت عَمَّا يَضرك، وَالسُّكُوت عَمَّا يُغْنِيك خير من الْكَلَام عَمَّا يَضرك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute