قَالَ عُرْوَة: لعهدي بِالنَّاسِ، وَالرجل مِنْهُم إِذا أَرَادَ أَن يسوء جَاره سَأَلَ غَيره حَاجته، فيشكوه جَاره، وَيَقُول: تجاوزني بحاجته، أَرَادَ بذلك شيني. لما أَتَى عبد الله بن الزبير قتل مُصعب خطب النَّاس؛ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: إِنَّه أَتَانَا خبر مقتل المصعب فَسُرِرْنَا واكتأبنا؛ فَأَما السرُور فَلَمَّا قدر لَهُ من الشَّهَادَة، وَخير لَهُ من الثَّوَاب، وَأما الكآبة فلوعةٌ يجدهَا الْحَمِيم لفراق حميمه. وَإِنَّا وَالله لَا نموت حبجاً كميتة آل أبي الْعَاصِ. إِنَّمَا نموت قتلا بِالرِّمَاحِ، وقعصاً تَحت ظلال السيوف، فَإِن يهْلك المصعب فَإِن فِي آل الزبير خلفا. وَقَالَ لما أَتَاهُ قَتله: أشهده الْمُهلب؟ قَالُوا: لَا. كَانَ الْمُهلب فِي وُجُوه الْخَوَارِج. قَالَ: أفشهده عباد بن الْحصين الحبطي؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: أفشهده عبد الله بن خازم السّلمِيّ؟ قَالُوا: لَا، فتمثل عبد الله بن الزبير: فَقلت لَا عيشي جعار، وجرري ... بِلَحْم امرئٍ لم يشْهد الْيَوْم ناصره كَانَ عُرْوَة بن الزبير إِذا ذكر مقتل عُثْمَان يَقُول: كَانَ عَليّ أتقى لله من أَن يقتل عُثْمَان، وَكَانَ عُثْمَان أتقى لله من أَن يقْتله عَليّ. قَالُوا: أقحمت السّنة النَّابِغَة الْجَعْدِي، فَلم يشْعر بِهِ عبد الله بن الزبير حِين صلى الْفجْر، حَتَّى مثل بَين يَدَيْهِ يَقُول: حكيت لنا الصّديق حِين وليتنا ... وَعُثْمَان والفاروق، فارتاح معدم فَقَالَ لَهُ ابْن الزبير: هون عَلَيْك أَبَا ليلى، فأيسر وسائلك عندنَا الشّعْر. أما صفوة مَا لنا فلبنى أسدٍ، وَأما عفوتها فلآل الصّديق، وَلَك فِي بَيت المَال حقان: حق لصحبتك رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَحقّ لحقك فِي فَيْء الْمُسلمين. ثمَّ أَمر لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute