الْحجَّاج عَن طَاعَتي وبلائي. فَقَالَ الْحجَّاج: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لقد أخْلص الطَّاعَة، وأبلى الْجَمِيل. وَأظْهر الْبَأْس، من أَيمن النَّاس نقيبة، أعفهم سيرة. فَلَمَّا بلغ آخر التقريظ قَالَ عمَارَة: أرضيت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: نعم فرضى الله عَنْك. قَالَ عمَارَة: فَلَا رَضِي الله عَن الْحجَّاج يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَلَا حفظه وَلَا عافاه، وَهُوَ الأخرق السيء التَّدْبِير، الَّذِي قد أفسد عَلَيْك الْعرَاق، وألب عَلَيْك النَّاس، وَمَا أتيت إِلَّا من خرقه وَقلة عقله، وفيالة رَأْيه، وجهله بالسياسة، وَلَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مِنْهُ أَمْثَالهَا إِن لم تعزله. فَقَالَ الْحجَّاج: مَه يَا عمَارَة، فَقَالَ: لامه وَلَا كرامه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كل امْرَأَة لي طَالِق وكل مَمْلُوك لي حر إِن سرت تَحت راية الْحجَّاج أبدا. فَقَالَ عبد الْملك: مَا عندنَا أوسع لَك. خطب رجل امْرَأَة فَقَالَت لَهُ: إِن فِي تقززا، وأخاف أَن أرى مِنْك بعض مَا أتقزز مِنْهُ فتنصرف نَفسِي عَنْك. قَالَ الرجل: أَرْجُو أَلا ترى ذَلِك. فَتَزَوجهَا فَمَكثت أَيَّامًا ثمَّ قعد مَعهَا يتغدى فَلَمَّا رفع الخوان تنَاول مَا سقط من الطَّعَام تَحت الخوان فَأَكله، فَنَظَرت إِلَيْهِ وَقَالَت: أما كَانَ يقنعك مَا على الخوان حَتَّى تلْتَقط مَا تَحْتَهُ ٣٩٦ قَالَ: إِنَّه بَلغنِي أَنه يزِيد فِي الْقُوَّة على الني. .، فَكَانَت بعد ذَلِك تَفْعَلهُ، وتفت الْخبز كَمَا تفت للفروج. قَالَ الْكِنْدِيّ: كَانَ فِيمَا مضى رجل زاهد وَقع عَلَيْهِ من السُّلْطَان طلب، فَبَقيَ مدلها لَا يدْرِي مَا يصنع وَذَاكَ أَنه أذكيت عَلَيْهِ الْعُيُون، وَأخذت لَهُ المراصد، فجَاء إِلَى طنبور فَأَخذه وَلبس ثِيَاب البطالين، وَتعرض لِلْخُرُوجِ من بَاب الْبَلَد، فجَاء إِلَى الْبَاب وَهُوَ يتهادى فِي مشيته كَالسَّكْرَانِ، فَقَالَت الْعُيُون لَهُ عِنْد الْبَاب: من أَنْت؟ قَالَ: من أَنا؟ وَمن ترى أكون؟ أَنا فلَان الزَّاهِد. وَقَالَهُ متهزئاً. فَقَالَ الْقَوْم ضاحكين: مَا أحمقه! وخلوا سَبيله. فَخرج وَنَجَا وَإِنَّمَا فعل ذَلِك لِئَلَّا يكذب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute