للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظر شَاب إِلَى شيخ يُقَارب خطاه فَقَالَ لَهُ: من قيدك؟ قَالَ: الَّذِي تركته يفتل قيدك. قيل لشيخ قد ذهب مِنْهُ المأكل وَالْمشْرَب وَالنِّكَاح: هَل تشْتَهي أَن تَمُوت؟ قَالَ: لَا. قيل: وَلم ذَاك؟ قَالَ: أحب أَن أعيش وأسمع الْأَعَاجِيب. قيل لبَعْضهِم: مَا بَال الشَّيْخ أحرص على الدُّنْيَا من الشَّاب؟ ٤٠٧ قَالَ: لِأَنَّهُ قد ذاق من طعم الدُّنْيَا مَا لم يذقه الشَّاب. قَالُوا: الدّين عقلة الشريف، مَا اسْترق الْكَرِيم أفظ من الدّين. اخْتصم رجلَانِ إِلَى سعيد بن الْمسيب فِي النُّطْق والصمت: أَيهمَا أفضل؟ فَقَالَ: بِمَاذَا أبين لَكمَا؟ فَقَالَا: بالْكلَام. فَقَالَا: إِذا الْفضل لَهُ. وَقيل لبَعْضهِم: السُّكُوت أفضل أم النُّطْق؟ فَقَالَ: السُّكُوت حَتَّى يحْتَاج إِلَى النُّطْق. قيل: الْعقل يَأْمُرك بالأنفع، والمروءة تأمرك بالأجمل. قيل لبَعْضهِم: مَا جماع الْعقل؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْته مجتمعاً فِي أحد فأصفه، وَمَا لَا يُوجد كَامِلا فَلَا حد لَهُ. قَالَ الزُّهْرِيّ: إِذا أنْكرت عقلك فاقدحه بعاقل. وَقيل: عظمت المئونة فِي عَاقل متجاهل، وجاهل متعاقل. وَقيل: إِنَّك تحفظ. الأحمق من كل شَيْء إِلَّا من نَفسه. قيل لبَعْضهِم: الْعقل أفضل أم الْجد؟ فَقَالَ: الْعقل من الْجد. قَالَ بَعضهم: يَنْبَغِي للعاقل أَن يطْلب طَاعَة غَيره وَطَاعَة نَفسه عَلَيْهِ ممتنعة. قيل لآخر: أَتُحِبُّ أَن تهدى إِلَيْك عيوبك؟ فَقَالَ: أما من نَاصح فَنعم، وَأما من شامت فَلَا. قيل لآخر: هَل شَيْء أضرّ من التواني؟ قَالَ: الِاجْتِهَاد فِي غير مَوْضِعه. وَقيل: الْعَجز عجزان عجز التَّقْصِير. وَقد أمكن الْأَمر، وَالْجد فِي طلبه وَقد فَاتَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>