للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الثَّوْريّ: إِذا رَأَيْت الرجل مَحْمُودًا فِي جِيرَانه فَاعْلَم أَنه يداهنهم. قيل لحكيم: كَيفَ للْإنْسَان بألا يغْضب؟ قَالَ: ليكن ذَاكِرًا فِي كل وَقت أَنه لَيْسَ يجب أَن يطاع قطّ، بل أَن يُطِيع؛ وَأَنه لَيْسَ يجب أَن يحْتَمل خَطؤُهُ فَقَط، بل أَن يحْتَمل الْخَطَأ عَلَيْهِ؛ وَأَنه لَيْسَ يجب أَن يصبر عَلَيْهِ فَقَط، بل أَن يصبر هُوَ ٤١٢ أَيْضا؛ وَأَنه بِعَين الله دَائِما، فَإِنَّهُ إِذا فعل ذَلِك لم يغْضب، وَإِن غضب كَانَ غَضَبه أقل. قَالَ بَعضهم: الإفراط فِي الزِّيَارَة مُمل كَمَا أَن التَّفْرِيط فِيهَا مخل. قَالَ الْعُتْبِي: إِذا تناهى الْغم انْقَطع الدمع. وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن أدهم: أَنا مُنْذُ عشْرين سنة فِي طلب أَخ إِذا غضب لم يقل إِلَّا الْحق فَمَا أجد. وَقَالَ غَيره: إِذا ولى صديق لَك ولَايَة فَأَصَبْته على الْعشْر من صداقته فَلَيْسَ بِأَخ سوء. قصد ابْن السماك رجلا فِي حَاجَة لرجل فتعسر، فَقَالَ لَهُ: اعْلَم أَنِّي أَتَيْتُك فِي حَاجَة، وَإِن الطَّالِب وَالْمَطْلُوب إِلَيْهِ عزيزان إِن قضيت، وذليلان إِن لم تقض، فاختر لنَفسك عز الْبَذْل على ذل الْمَنْع، واختر لي عز النجح على ذل الرَّد. فقضاها لَهُ. وَقصد آخر مرّة فِي حَاجَة فتلوى، فكاد ينكل عَن الْكَلَام، ثمَّ سبق إِلَى معنى فخبره وَقَالَ للمسئول: أَخْبرنِي حِين غَدَوْت إِلَيْك فِي حَاجَتي، أحسن بك الظَّن، وأصوغ فِيك الثَّنَاء، وأتخير لَك الشُّكْر، وأمشي إِلَيْك بقدم الإجلال، وأكلمك بِلِسَان التَّوَاضُع، أصبت أم أَخْطَأت؟ قَالَ: فاقتحم الرجل وَقَالَ: بل أصبت. وَقضى حَاجته وَسَأَلَهُ المعاودة. قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة: قلت لعَلي بن الْهَيْثَم: مَا يجب للصديق؟ قَالَ: ثَلَاث خلال: كتمان حَدِيث الْخلْوَة، والمواساة عِنْد الشدَّة، وإقالة العثرة. قيل: سوء حمل الْغنى يُورث الْمَدْح، وَسُوء حمل الْفَاقَة قد بضع الشّرف. قيل: الْهوى شريك الْعَمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>