للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَارب عَدوك مَا حاربك بشخصه، فَإِذا أخْفى شخصه فاحرس نَفسك مِنْهُ؛ لِأَن من يعلم أَنه لَا ينجيه مِنْك إِلَّا الْمَوْت لَا ينجيك مِنْهُ إِلَى مثل ذَلِك، والمستسلم للْمَوْت لَا يُبَالِي على مَا أقدم. احذر فلتات المزاحي وصرعات البغى. لَا تُجَاهِد الطّلب جِهَاد المغالب، وَلَا تتكل على الْقدر إتكال المستسلم فَإِن ابْتِغَاء الْفضل سنة، وإجمال الطّلب عفة، وَلَيْسَت الْعِفَّة بدافعة رزقا، وَلَا الْحِرْص بجالب فضلا، والرزق مَقْدُور وَالْأَجَل مَوْقُوف، وَفِي استعجال الْحَرِيص اكْتِسَاب المآثم. لَا تشبهن رضاك بِغَضَبِك؛ فَتكون مِمَّن لَا يضر غَضَبه وَلَا ينفع رِضَاهُ. اغتنم الْعَمَل مَا دَامَت نَفسك سليمَة، وَأَجْعَل كل سَاعَة بشغلها لآخرتك غنيمَة. لَا تكونن لغير الله عبدا مَا وجدت من الْعُبُودِيَّة بدا. احم نَفسك الْقنُوط، وأتهم الرَّجَاء. لَا تغير أَخَاك وَأحمد الَّذِي عافاك. أنظر مَا عنْدك فَلَا تضعه إِلَّا فِي حَقه، وَمَا لَيْسَ عنْدك فَلَا تَأْخُذهُ إِلَّا بِحقِّهِ. احْتمل مِمَّن أدل عَلَيْك وَأَقْبل مِمَّن أعْتَذر إِلَيْك. ليكن عَمَلك فِيمَا بَيْنك وَبَين أعدائك الْعدْل، وَفِيمَا بَيْنك وَبَين أصدقائك الرِّضَا؛ فَإِن الْعَدو خصم تصرفه بِالْحجَّةِ، وتغلبه بالحكم. وَالصديق لَيْسَ بَيْنك وَبَينه قَاض، وَإِنَّمَا هُوَ رِضَاهُ وَحكمه. إِذا أردْت أَن تخدع النَّاس فتغاب عَلَيْهِم. إِذا صافاك عَدوك رِيَاء مِنْهُ فتقلق مصافاته إياك بأوكد مَوَدَّة؛ فَإِنَّهُ إِذا ألف ذَلِك واعتاده خلصت لَك مودته. فكر قبل أَن تعزم، وَأعْرض قبل إِن تصرم، وتدبر قبل أَن تهجم، وشاور قبل أَن تقدم. اسع فِي طلب رضَا الْأَحْرَار فَإِن رضَا اللئام غير مَوْجُود. اقتصد وداوم وَأَنت الْجواد السَّابِق. لَا تألف الْمَسْأَلَة فيألفك الْمَنْع.

<<  <  ج: ص:  >  >>