للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي أعْطاناهُ، ونذُودُ عَنْكُم بفيءٍ الله الَّذِي خَولَنا. فلنا عَلَيْكُم السمْعُ والطاعةٌ فِيمَا أحْببْنا، وَلَكِن علْينا العَدْلُ فِيمَا ولِينا. فاستوجبُوا عَدْلنا وفيْئنا بِمُناصحَتِكُمْ لنا. وَاعْلَمُوا أَنِّي مُهَما قصَّرتُ عَنهُ فَلَنْ أقصِّرَ عَن ثَلَاث: لستُ مُحْتجباً عَن طَالب حاجةٍ مِنْكُم، وَلنْ أَتَانِي طَارِقًا بلَيْل، وَلَا حابساً عَطاء وَلَا رزُقا عَن إبانه، وَلَا مُجمِّراً لكم بعْثاً، فادْعوا اللهب الصّلاح لأئمتِّكم، فَإِنَّهُم ساستُكُم المؤُدِّبون، وكهفُكمُ الَّذِي إِلَيْهِ تأوُون. وَمَتى صلحُوا تصَلْحُوا، وَلَا تْسْرِبوا قُلُوبكُمْ بعْضَهُم فيشتد لذَلِك غيظكُمُ، وَيطول لذَلِك خُزْنكمُ، وَلَا تُدْركُوا حاجَتكم مَعَ أَنه لَو اسْتُجيب لكم فيهم كَانَ شرا لكم. أسْأَلُ الله أنْ يُعين كُلاً على كُلٍّ. وَإِذا رأيتْمُوني أنفذُ فِيكُم الأمرَ فأنفذُه على أذْلاله، وأيْمُ الله إِن لي فِيكُم لصَرْعى كَثِيرَة. فليَحْذرْ كل امْرِئ أنْ يكون من صَرْعاي. قَالَ: فَقَامَ عبدُ الله بنُ الْأَهْتَم، فَقَالَ: أشهدُ أَيهَا الأميرُ لقد أُوتيت الْحِكْمَة وفصْل الْخطاب. فَقَالَ لَهُ: كذبْت. ذَاك نَبِي الله دَاوُد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فقامَ إِلَيْهِ الأحْنفُ ابنُ قيْس، فَقَالَ: إِنَّمَا الثناءُ بعْدَ الْبلَاء، الحمدُ بعد العطاءِ، وَإِنَّا لَا نُثْنِي حَتَّى نبْتلي، وَلَا نُحمدُ حَتَّى نُعْطَى. فَقَالَ زِيَاد: صدّقْتُ. قَالَ: فَقَامَ أَبُو بِلَال يهمسُ وَهُوَ يقولُ: أنْبأَنا اللهُ - جلّ وَعز - بِغَيْر مَا قُلت. قَالَ اللهُ تباركَ وَتَعَالَى: وَإبْراهيمَ الَّذِي وَفى. أَلا تَزِرُ وازرةٌ وِزْرَ أخْرَى. وَأَن لَّيْسَ للإنسانِ إِلَّا مَا سَعَى. وأنَّ سعُيَهُ سَوف يُرَى. ثُم يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفىَ وَأَنت تزْعُم أَنَّك تأْخُذُ الصحيحَ بالسقيم، والطيع بالعاصي، والمُقْبِلَ بالمُدْبرِ. فَسَمعَهَا زيادٌ، فَقَالَ: إنَّا لَا نبلُغُ مَا نُريدُ بأصْحابك حَتَّى نَخُوضَ إليكمُ الْبَاطِل خَوضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>