للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ حارثةٌ بنُ بدر الغُدَاني قد غلبَ على زِيَاد - وَكَانَ الشَّرَاب قد غلب عَليه - فَقيل لزياد: إِن هَذَا قد غلب عَلَيْك وَهُوَ مُستهترٌ بِالشرابِ فَقَالَ زِيَاد: كَيفَ بأطراح رجل هُوَ يُسايُرني؟ قد دخلت عَلَيْهِ الْعرَاق، فَلم يصك ركابي ركاباه وَمَا راكبني قطّ فَسَمت ركبتي ركبتُه وَلَا تقدمني فَنَظَرت إِلَى قَفاهُ، وَلَا تأخًّر عني فلويتُ عُنقي إِلَيْهِ، وَلَا أَخذ عَليّ الشمسَ فِي شتاءٍ قطّ، وَلَا الرَّوْح فِي صيف قطّ، وَلَا سألْتُه عَن علْمٍ إِلَّا ظنتُه لم يُحسن غيرَه. فَلَمَّا مَاتَ زِيَاد جفاهُ عبيد الله، فَقَالَ لَهُ حارثةُ: أَيهَا الأميرُ. مَا هَذَا الجَفاءُ. مَعَ معرفتك بإحلال عِنْد أبي المُغيرة؟ فَقَالَ لَهُ عُبيدُ الله: إِن أَبَا الْمُغيرَة كَانَ قد برع بُروعاً لَا يلحقُه معَهُ وَأَنا حَدَثٌ، وَإِنَّمَا أُنَسبُ إِلَى مَن تغلَّب علىَّ، وَأَنت رجلٌ تُديم الشَّرَاب، فَمَتَى قرَّبتُك، فظهرت رائحةُ الشَّرَاب مِنْك لم آمَن أَن يُظن بِي. فدع النَّبِيذ، وكُن أول دَاخل، وَآخر خَارج. فَقَالَ لَهُ حارثةُ: أَنا لَا أدَعُه لمن يملكُ ضري ونفعي. أفأدعُه للْحَال عنْدك؟ قَالَ: فاختر من عَمَلي مَا شِئْت. قَالَ: تُولِّيني رامهرمز فَإِنَّهَا أرضٌ عَذِيَة وسُرَّق وإنَّ بهَا شرابًا وصف لي عَنهُ فولاه إياهُ. وَفِيه قيل: أحُارِ بن بدر قد وَليت ولَايَة فكُن جُرذاً فِيهَا تَخُونُ وتَسْرِقُ. وَقَالَ زِيَاد: كفى بالبخيل عاراً أَن أُسَمِّهِ لم يَقع فِي حَمد قطٌّ، وَكفى بالجواد مجداً أَن اسمَه لم يَقع فِي ذمّ قطّ. وَكَانَ عبيدُ الله بن زِيَاد قد لج فِي طلب الْخَوَارِج، وحَبْسهم، وقتلهم، فكُلِّم

<<  <  ج: ص:  >  >>