للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي عمر العدني (١)

قال: قال سفيان (٢) : كان المقام في سقع البيت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فحوله عمر إلى مكانه بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد قوله تعالى: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) قال: ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا فرده عمر إليه. وقال سفيان: لا أدري كم بينه وبين الكعبة قبل تحويله. قال سفيان: لا أدري أكان لاصقًا بها


(١) ابن أبي عمر العدني، هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، من أئمة العلم، قال الترمذي في "جامعه" في (باب لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) بعد ما روى حديثًا عنه: سمعت ابن أبي عمر يقول: اختلفت إلى ابن عيينة ثمان عشرة سنة، وكان الحميدي أكبر مني بسنة، وسمعت ابن أبي عمر يقول: حججت سبعين حجة ماشيا، وروى عبد الرحمن بن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" عن أحمد بن سهل الاسفرائني، قال سمعت أحمد بن حنبل وسئل عمن يكتب؟ فقال أما بمكة فابن أبي عمر، ولهذا لم يمنع المحدثين من الرواية عنه قول أبي حاتم فيه: كان رجلاً صالحًا به غفلة، ورأيت عنده حديثًا موضوعًا حدث به عن ابن عيينة وكان صدوقًا، بل اعتنى المحدثون بالرواية عنه، حتى قال صاحب الزهرة كما في "تهذيب التهذيب": روى عنه مسلم مأتي حديث وستة عشر حديثًا. وروى عنه الترمذي وابن ماجة، وروى النسائي عنه بوسائط، وذكر له البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة في الجمعة متابعة عقب حديث شعيب. عن الزهري، عن عروة، عن أبي حميد: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عشية بعد الصلاة فتشهد واثنى على الله بما هو أهله، ثم قال أما بعد" قال البخاري عقب هذا: تابعه العدني عن سفيان في "أما بعد" يقصد البخاري بالعدني محمد بن يحيى هذا، بدليل رواية مسلم ذلك الحديث في صحيحه عن محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني هذا، عن سفيان بن عيينة، عن هشام كذلك. وممن روى عن العدني أبوحاتم الذي صدرت منه تلك الكلمة، روى عنه الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه، ورواه عن أبي حاتم ابنه عبد الرحمن في التفسير الذي التزم فيه ايراد الأصح. وبذلك تبين أيضًا أن هذا الحديث ليس بذلك الموضوع الذي شاهده أبوحاتم عند العدني: إذ لو كان كذلك لم يروه ابنه في تفسير التزام فيه الأصح..
(٢) هو ابن عيينة أحد أئمة الاسلام، أجمعت الأمة على الاحتجاج به وأما ما رواه محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، عن يحيى بن سعيد القطان، قال: أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومائة، من سمع منه فيها فسماعه لاشيء. فهذا الخبر استبعده الذهبي في "الميزان" قال: أنا استبعده. وأعده غلطًا من ابن عمار: فإن القطان مات في صفر سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحجاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز، فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ثم يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به، ثم قال: فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع مع أن يحيى معنت جدا في الرجال، وسفيان ثقة مطلقًا. قال: ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع - أي التي اختلط فيها - وأما سنة ثمان وتسعين ففيها مات ولم يلقه أحد، فإنه توفى قبل قدوم الحجاج بأربعة أشهر. أهـ ما ذكره الذهبي، وأقره عليه الحافظ العراقي في كتبه الثلاثة "شرح ألفية المصطلح" فاستفدنا من ذلك استبعاد الذهبي والعراقي رواية ابن عمار اختلاط ابن عيينة، واعتبارهما أياها على فرض ثبوتها من قبيل تعنت يحيى في الرجال. وقد ناقش الحافظ ابن حجر الذهبي حول استبعاد اختلاط ابن عيينة في التاريخ الذي ذكره ابن عمار بما لا يؤثر في الرواية التي نحن بصدد تقويتها مادام الحافظ قد صرح بصحتها في "فتح الباري ج٨ ص١٣٧" في باب قوله تعالى: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) من كتاب التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>