من محمد بن إبراهيم إلى سمو وزير الداخلية ... الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
فقد اطلعنا على خطاب رئيس المحكمة والدوائر الشرعية بالمدينة المنورة المرفق رقم ٣٧٧٣ في ٢٠/٥/٨٣هـ وعلى الصورة المعطاة له من وكيل أمير المدينة الواردة إليه برقياً من سموكم برقم ١٦٢٩ في ١٦/٥/٨٣هـ التي ذكر فيها: يحدث أحياناً أن يصدر بعض القضاة أمراً بالجلد والحبس بتهمة أو وشاية تصله من مواطن أو متعاقد، وأن واجب القاضي هو درء الحدود بالشبهات، وأنه يود إذا أصدر القاضي حكماً فإنه ينفذ في الحد الشرعي للحكم. أما إذا لم يكن الحكم في حد شرعي فيأخذ برئينا قبل تنفيذه. اهـ.
والجواب: أن الحدود قد عرفها العلماء، قال الله تعالى:{تلك حدود الله فلا تعتدوها}(١) فما حدث وقدره الشرع فلا يجوز أن يتعدى. فالحدود بمعنى العقوبات المقدرة، فالحد عقوبة مقدرة تمنع من الوقوع في مثل الذنب الذي شرع له. وتجب إقامة الحدود على كل مكلف ملتزم عالم بالتحريم. وسميت عقوبات الجرائم (حدوداً) لأن من شأنها أن تمنع ارتكاب الجرائم، وتجب حقاً لله تعالى، لما في الجرائم المقررة فيها الحدود من الخطورة البالغة على المجتمع وكذلك (التعزير) يطلق على عقوبته اسم (الحد) إذا وجب لحق الله تعالى، فيجب تنفيذ ما صدر من العقوبات في الحدود والتعزير.
فالتعزير أصل كبير من الأصول الشرعية المحمدية الآتية بالمصالح والحكم والغايات المحمودة، فيه صلاح الدين والدنيا، لأن (التعزير) هو التأديب، وهو واجب شرعاً في كل معصية لأحد فيها ولا كفارة. فعلى الحاكم الشرعي أن يرى ما يقتضيه حال الشخص المجرم، فإن العقوبات على قدر الإجرام، فالقضاة يجتهدون فيما لا نص فيه، فإذا اجتهدوا وجب تنفيذ ما قرره القضاة ومناصرة الشريعة التي جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها ودفع المفاسد وتقليلها، فإن