يا جلالة الملك ان تغشية قبور الأَنبياء والصالحين وتعليق الستور على حيطانها بدعة شنيعة منكرة باتفاق الأَئمة، ولم تكن موجودة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفائه الراشدين ولا في عهد الصحابة والتابعين، ولم يؤثر فيها شيءٌ عن أَئمة المسلمين لا الأَئمة الأَربعة ولا غيرهم، وهم على كشفها كانوا أَقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، وإنما وجدت هذه البدعة أَول ما وجدت في أَثناءِ القرن السادس من فعل بعض السلاطين، وقد نص أَهل العلم على انكارها وتحريمها حال ما وجدت.
قال في ((الاقناع)) : وتغشية قبور الأَنبياء والصالحين -أَي سترها بغاشية- ليس مشروعًا في الدين قاله الشيخ - يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وقال في موضع آخر في كسوة القبر بالثياب: اتفق الأَئمة على أَن هذا منكر إذا فعل بقبور الأَنبياء والصالحين فكيف بغيرهم.
وقال محمد إسماعيل الصنعاني رحمه الله في كتابه ((تطهير الاعتقاد)) : فان هذه القباب والمشاهد التي صارت أَعظم ذريعة إلى الشرك والالحاد، وأَكبر وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه غالبًا بل كل من يعمرها هم الملوك أَو السلاطين أَو الرؤساءُ والولاة، إما على قريب لهم، أَو على من يحسنون الظن فيه من فاضل أَو عالم أَو صوفي أَو فقير أَو شيخ كبير، ويزوره الناس الذين يعرفونه زيارة الأَموات من دون توسل ولا هتف باسمه، بل يدعون له ويستغفرون، حتى ينقرض من يعرفه أَو أَكثرهم، فيأْتي من بعدهم فيجد قبرًا قد شيد عليه البناءُ واسرجت عليه الشموع وفرش بالفراش الفاخر، وارخيت عليه الستور، والقيت عليه الأَوراد والزهور، فيعتقد أن ذلك لنفع أَو دفع ضرر، وتأْتيه