غربة كان بينهما من المودة والموالاة والائتلاف أمر عظيم، وإن كانا في مصرهما لم يكونا متعارفين أو كانا متهاجرين.
وقال شيخ الإسلام أيضاً: وهذا قد توجب الشريعة مخالفتهم فيه، وقد توجب عليهم مخالفتنا ـ كما في الزي ونحوه. وقد يقتصر على الاستحباب، كما في: صبغ اللحية، والصلاة في النعلين، والجلود. وقد تبلغ إلى الكراهة، كما في تأخير المغرب والفطور، بخلاف مشابهتهم فيما كان مأخوذاًَ عنهم، فإن الأصل فيه التحريم، لما قدمنا. أهـ.
وقال شيخ الإسلام أيضاً: فقد تبين لك أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي والتشبه بالكافرين، كما أن من أصل كل خير المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم، ولهذا عظم وقوع البدع في الدين وإن لم يكن فيها تشبه بالكفار، فكيف إذا جمعت الوصفين. ولهذا جاء في الحديث " ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع عنهم من السنة مثلها"أهـ. (١) .
وأما" الإجماع" فذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: إنه من وجوه:
من ذلك أن أمير المؤمنين عمر في الصحابة رضي الله عنهم ثم عامة الأئمة بعده وسائر الفقهاء جعلوا في الشروط المشروطة على أهل الذمة من النصارى وغيرهم فيما شرطوه على أنفسهم: أن نوقر
(١) وخرج ابن وضاح عن ابن عباس قال: ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا بدعة وأماتوا فيه سنة، حتى تحيا البدع وتموت السنن. وعن أبي ادريس الخولاني أ، هـ كان يقول: ما أحدثت أمة في دينها بدعة إلا رفع الله بها عنهم سنته. وذكر في الاعتصام ج١ ص١٤٤ ـ آثاراً في هذا المعنى أيضاً.