"منها" أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسباً وتشاكلاً بين المتشابهين يقون إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس، فإن اللابس لثياب أهل العلم مثلاً يجد من نفسه نوع انضمام إليهم، واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلاً يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقها، ويصير طبعه مقتضياً لذلك، إلا أن يمنعه من ذلك مانع.
و"منها" أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال، والانعطاف إلى أهل الهدى والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الموالات بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين. وكل ما كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام الذي هو الإسلام ـ لست أعني مجرد التوسم به ظاهراً، أو باطناً بمجرد الاعتقادات التقليدية من حيث الجملة ـ كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطناً أو ظاهراً أتم، وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.
و"منها" أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التمييز ظاهراً بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين، إلى غير ذلك من الأسباب الحكيمة.
هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحاً محضاً لو تجرد عن مشابهتهم، فأما إن كان من موجبات كفرهم فإنه يكون شعبة من شعب الكفر، فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع ضلالهم ومعاصيهم. فهذا أصل ينبغي أن يتفطن له. والله أعلم. أهـ.
وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ أيضاً: وهنا نكتة قد نبهت عليها في هذا الكتاب، وهي أن الأمر بموافقة أقوام أو بمخالفتهم قد