ولا شك بوجود الفرق بين حرم المدينة وحرم مكة، لقد كان اليهود بخيبر وما حولها ولم يكونوا يمنعون من المدينة بعد نزول قوله تعالى:{إنما المشركون نجس} ففي الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي على طعام أخذه لأهله" قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ عند ذكر الآية: فلم يجلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزولها من الحجاز , وأمر مؤذنه أن يؤذن بأن لا يحج بعد العام مشرك.
ومما يقوي القول بجواز دخول هذا المسيحي المدينة اقتضاء المصلحة ذلك، فقد نص ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه " أحكام أهل الذمة " على جواز دخول الكفار المسجد النبوي فضلاً عن غيره إذا دعت المصلحة الراجحة إليه. فقد قال: أما دخول الكفار مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فكان ذلك لما كان بالمسلمين حاجة إلى ذلك، ولأنهم كانوا يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤدون إليه الرسائل، ويحملون منه الأجوبة، ويسمعون الدعوة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من المسجد لكل من قصده من الكفار، فكانت المصلحة في دخولهم إذ ذاك أعظم من المفسدة التي فيه ت إلى أن قال ـ فإن دعت إلى ذلك مصلحة راجحة جاز دخولهم بلا إذن. أهـ.
فإذا جاز دخول الكفار المسجد النبوي للمصلحة فغيره من باب الأولى إذا كانت المصلحة تقتضيه، كما هو الحال في هذا المهندس. وبالله التوفيق. والسلام عليكم.
مفتي الديار السعودية (ص ـ ف ١٦٩٠ ـ ١ في ٢٠/٦/١٣٨٦هـ)