للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبلغي زيداً أن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطل إلا أن يتوب. رواه أحمد.

ومن أنواع الربا " قلب الدين على المعسر " وله صور: منها أن يكون للتاجر عند الفلاح المعسر دراهم حالة ثمن مبيع أو غيره فإذا طلبت منه اعتذر بالعسرة، فيقول له التاجر أكتبها عليك بزاد (١) فيجيبه المعسر إلى ذلك، فيقلبها بزاد في ذمته. فهذا لا يجوز ولا يصح، لأنه بيع دين بدين، وهو ممنوع هند عامة أهل العلم لكونه من أنواع الربا، وهو " بيع الكالئ بالكالئ" المنهي عنه في الحديث، فإن معنى " الكالئ بالكالئ" المؤخر بالمؤخر، ولأنه سلم لم يقبض رأس ماله، ومن شرط صحة السلم قبض راس ماله في مجلس العقد، لحديث " من أسف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" (٢) وإنما يسمى سلفاً وسلماً لتسليم رأس المال وتقديمه وقبضه في المجلس.

ولكن من الناس من لا يصرح بقلب الدين مخالفة الإنكار عليه، فيتوصل إلى غرضه الفاسد بالحيلة المحرمة بإظهار عقد سلم، فيدفع إلى الفلاح دراهم هي رأس المال السلم في الظاهر، وبعد ما يقبضها الفلاح يردها إلى التاجر عما في ذمته من الدراهم، ويسمون هذا " تصحيحاً " وهو باطل غير صحيح، إذ العبرة في الاشياء بحقائقها. فإن حقيقة هذا العقد هو قلب الدين المحرم. ويوضح هذا أنه لا يدع الفلاح يقوم بالدراهم من المجلس، وأنه لو يعلم أنه لا يوفيه منها أو أنه يوفيه حقه من دون الكتب عليه ما كتب عليه لعسرته وعدم ملاءته.


(١) أي طعام: بر أو غيره.
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>