فأهدى إليه أُبي من ثمرة أرضه، فرد عليه ولم يقبلها، فأتاه أُبي فقال: لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة، وأنه لا حاجة لنا فيما منعت هديتنا، ثم أهدى إليه بعد ذلك فقبل. فكان رد عمر لما توهم أن تكون هديته بسبب القرض، فلما تيقن أنها ليست بسبب القرض قبلها. وهذا فصل النزاع في " مسألة هدية المقتر" وقال زر بن حبيش، قلت لأبي بن كعب: إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد إلى العراق، فقال: إنك تأتي أرضاً فاشياً فيها الربا، فإذا كان لك على رجل دين فأهدى إليك حمل تبن أو حمل قت أو حمل شعير فلا تأخذه، فإنه ربا. قال ابن أبي موسى: ولو أقرضه قرضاً ثم استعمله عملاً لم يكن يستعمله مثلاً قبل القرض كان قرضاً جر منفعة. قال: ولو استضاف غريمه ولم تكن العادة جرت بينهما بذلك حسب له ما أكله، واحتج له صاحب " المغني " بما روى ابن ماجه في سننه، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدى إليه أو حمله على دابة فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك " ثم ذكر ابن القيم أن المنفعة التي تجر إلى الربا في القرض هي التي تخص المقرض، كسكنى دار المستقرض، وركوب دوابه، واستعماله وقبول هديته، فإنه لا مصلحة له في ذلك.
وقال ابن القيم في " إعلام الموقعين جـ٣ ص٥٢"(الوجه الثالث والعشرون) ـ أي من أوجه إبطال الحيل ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم منع المقرض من قبول الهدية ـ أي هدية المستقرض ـ وكذلك أصحابه حتى يحسبها من دينه، وما ذلك إلا لئلا يتخذ ذريعة إلى تأخير الدين لأجل الهدية فيكون ربا، فإنه يعود إليه ماله