إذ لا يخفى ان مذهب أَهل السنة والجماعة هو الايمان بما ثبت في الكتاب والسنة من أَسماء الله وصفاته لفظًا ومعنى، واعتقاد أَن هذه الأَسماءَ والصفات على الحقيقة لا على المجاز، وأَن لها معاني حقيقة تليق بجلال الله وعظمته. وادلة ذلك أَكثر من أَن تحصر. ومعاني هذه الأَسماء ظاهرة معروفة من القرآن كغيرها لا لبس فيها ولا اشكال ولا غموض، فقد أخذ أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه القرآن ونقلوا عنه الأَحاديث لم يستشكلوا شيئًا من معاني هذه الآيات والأَحاديث لأَنها واضحة صريحة، وكذلك من بعدهم من القرون الفاضلة، كما يروى عن مالك لما سئل عن قوله سبحانه:(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)(١) قال: الاستواءُ معلوم، والكيف مجهول والايمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. وكذلك يروى معنى ذلك عن ربيعة شيخ مالك، ويروى عن أُم سلمة مرفوعًا وموقوفًا.
أما كنه الصفة وكيفيتها فلا يعلمه إلا الله سبحانه، إذ الكلام في الصفة فرع عن الكلام في الموصوف، فكما لا يعلم كيف هو -إلا هو- فكذلك صفاته. وهو معنى قول مالك: والكيف مجهول.
أَما ما ذكره في ((اللعمة)) فانه ينطبق على مذهب المفوضة وهو من شر المذاهب واخبثها. والمصنف رحمه الله إمام في السنة ومن أَبعد الناس عن مذهب المفوضة وغيرهم من المبتدعة. والله أَعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.