آثارها ولم يعلم لها مالك، فتملك بالأحياء، لما روى سعيد في سنته عن طاووس مرفوعاً (عادي الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم) وعن جابر مرفوعاً (من أحي أرضاً ميتة فهي له) صححه الترمذي، وعن سعيد بن زيد مرفوعاً (من احي أرضاً ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق) حسنه الترمذي، وروى مالك وأبو داود عن عائشة مثله. قال ابن عبد البر: وهو سند صحيح متلقى بالقبول عند فقهاء المدينة وغيرهم. قال في (المغنى) : وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالأحياء وإن اختلفوا في شروطه، فمن أحي أرضاً ميتة بما يعد إحياء ملكها، وإن تحجرها صار أحق بها من غيره وورثته من بعده أحق به، لحديث (من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو احق به) رواه أبو داود.
ومما تقدم يعلم أن معارضة البلدية لمن سبق إلى أرض لا محل لها للأدلة المتكاثرة الدالة على إباحة الإحياء والملك به ولو بلا إذن الإمام، خلافاً لأبي حنيفة.
وأما حريم العين والقناة فهو خمسمائة ذراع، نص عليه أحمد. وقيل قدر الحاجة ولو كان ألف ذراع اختاره القاضي في (المجرد) وأبو الخطاب، والموفق في (الكافي) وغيرهم.
وأما حريم ما أحياه من الموات لسكنى القاضي أو زرع فهو معتبر بما لا تستغني عنه تلك الأرض من طريقها وفنائها ومجرى مائها شرباً ومفيضاً، قال في (الإنصاف) وغيره، ويملك بالاحياء ما قرب من عامر إن لم يتعلق بمصلحته- كطرقه، وفنائه، ومسيل مائه، ومطرح قمامته، ومرعاه، ومحتطبه، ومرتكض الخيل، ومدفن الأموات، ومناخ الإبل، فهذا لا يملك بالأحياء ولا يقطعه الإمام لتعلق حقه. وقيل: لملكه له.