للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ((مَا)) في قوله (بِمَا يُنَزِّلُ) فالمراد به القرآن كما يدل عليه سياق الكلام.

وقوله: (وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ) فيه اخبار بأنه أَنزله، لكن ليس في هذه اللفظة بيان أَن روح القدس نزل به ولا أَنهه منزل منه. ولفظ الانزال في القرآن قد يرد مقيدا بالانزال منه كنزول القرآن. وقد يرد مقيدًا بالانزال من السماء ويردا به العلو فيتناول نزول المطر من السحاب ونزول الملائكة من عند الله وغير ذلك. وقد يرد مطلقًا فلا يختص بنوع من الانزال، بل ربما يتناول الانزال من رؤوس الجبال كقوله تعالى:

(وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) (١) والانزال من ظهور الحيوان كانزال الفحل الماءَ وغير ذلك. فقوله: (نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ) بيانا لنزول جبريل به من الله عز وجل، فإن روح القدس هنا هو جبريل بدليل قوله تعالى: (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ) (٢) وهو الروح الأَمين كما في قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) (٣) وفي قوله (الْأَمِينُ) دلالة على أَنه مؤتمن على ما أَرسل به لا يزيد فيه ولا ينقص، فان الرسول الخائن قد يغير الرسالة كما قال تعالى في صفته في الآية الأُخرى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ - ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ - مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) (٤)


(١) سورة الحديد ٢٥.
(٢) سورة البقرة ٩٧.
(٣) سورة الشعراء ١٩٢- ١٩٥.
(٤) سورة التكوير ١٩- ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>