ما يدل عليه جواز دفع القادر للقنطار لا تكليف العاجز عنه به ومنع الرجل موليته من النكاح بالكفء إلا إذا بذله، بدليل إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أبي حدرد الأسلمي إمهاره مائتين، وعلى الرجل المتزوج امرأة من الأنصار بأربع أواق، لكون ذلك لا يناسب حالهما، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم هي المبينة لكتاب الله والمفسرة له. وهذا كالجواب لمن يرى أنه في الآية دلالة على جواز المغالاة في المهور، وإلا فهناك قول آخر قوي، وهي أنها لا تدل على جواز ذلك، قال أبو حيان في (البحر المحيط) : قال قوم: لا تدل على ذلك -أي على إباحة المغالاة في الصداق- لأنه تمثيل على جهة المبالغة في الكثرة، كأنه قيل وآتيتم هذا المقدار العظيم الذي لا يؤتى لأحد، وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم (من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة) ومعلوم أن مسجداً لا يكون كمفحص قطاة، وإنما هو تمثيل للمبالغة في الصغر، وقد قال صلى الله عليه وسلم لن أمهر مائتين وجاء ليستعين في مهره وغضب صلى الله عليه وسلم:(كأنكم تقطعون الذهب والفضة من عرض الحسرة) .
ونقل أبو حيان عن الفخر الرازي أنه قال: لا دلالة فيها على المغالاة، لأن قوله تعالى:{وآتيتم} لا تدل على جواز إيتاء القنطار، ولا يلزم من جعل الشيء شرطاً لشيء آخر كون ذلك الشرط في نفسه جائز الوقوع، كقوله صلى الله عليه وسلم:(من قتل له قتيل فأهله بخير النظرين) . وبهذا يتبين أن لا مبرر في الآية لتكليف العاجز ما لا يقدر عليه، ولا لعضل النساء والتضحية