الدلالة أن الله تعالى استفهم منهم استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع وذكر في سياق هذا أن من أوصافهم الذميمة السمود وهو الغناء، فهذا يدل على أنه محرم، إذ لو كان مشروعاً أو باقياً على البراءة الأصلية لما ذمهم على فعله.
وأما (السنة) فتقتصر على دليل واحد، وهو ما رواه البخاري في الصحيح معلقاً بصفة الجزم، ورواه أبو داود وابن ماجه في السنن، وأبو بكر الإسماعيلي في الصحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) . وتقرير الاستدلال من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الحديث سيق لذم هذا الصنف من الناس الذي يتجاوزون حدود الله ومنها هذه الأمور التي منها المعازف، وأكد ذلك باللام في صدر الكلام، وبالنون المؤكدة، ولو كان مباحاً لما ذم.
الثاني: أنه قال: (يستحلون) ففهم من هذا أن حرمته متقررة. والمعازف هي آلات الملاهي على اختلاف أنواعها، قاله غير واحد من أئمة اللغة، كابن منظور، وصاحب القاموس.
الثالث: أن الله تعالى قرن المعازف بما ذكره معها وهي محرمة. فتكون المعازف مساوية لها في أصل الحكم الذي هو التحريم من (باب دلالة الاقتران) .
وأما أقول الأئمة: فقد قال عبد الله بن الإمام أحمد: سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب، لا يعجبني.
وأما الشافعي فقد صرح أصحابه العارفون بمذهبه أنه يقول بتحريمه.