ولما ذكر ابن القيم رحمه الله (الغناء) وما ورد فيه ابن عباس وغيره من الذم، وأنه من الباطل الذي لا يرضاه الله، قال ما نصه: فهذا جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن غناء الأعراب الذي ليس فيه مدح الخمر والزنا واللواط والتشبيب بالأجنبيات وأصوات المعازف والآلات والمطربات، فإن غناء القوم لم يكن فيه شيء من ذلك، ولو شاهدوا هذا الغناء لقالوا فيه أعظم قول، فإن مضرته وفتنته فوق مضرة شرب الخمر بكثير وأعظم من فتنته، ومن أبطل الباطل أن تأتي شريعة بإباحته، فمن قاس هذا على غناء القوم فقياسه من جنس قياس الربا على البيع، والميتة على المذكاة، والتحليل الملعون فاعله على النكاح الذي هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وإذا كان هذا كلام ابن القيم في غناء أهل عصره فكيف بغناء هذا العصر الذي يذاع ويسمع الرجال والنساء والخاص والعام فيما شاء الله من البلاد، فنعم مضرته، وتنتشر الفتنة به، لا شك أن هذا أشد إثماً وأعظم مضرة.
وأما الأحاديث فمنها ما رواه الترمذي وحسنه، عن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوده وشق جيوب ورنة) قال ابن القيم رحمه الله بعد هذا الحديث: فانظر إلى هذا النهي المؤكد بتسمية صوت الغناء صوتاً أحمق.
ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور، ولم يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان. وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم