للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا لدليل خاص، واختلافهم إنما هو هل العموم بمقتضى اللفظ أو بدليل آخر.

(الوجه الثالث) : أنا لو سلمنا تسليماً جدلياً أن حكم الآية الكريمة خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فهن القدوة الحسنة لنساء المؤمنين. فليس لنا أن نحرم نساءنا هذا الأدب السماوي الكريم المقتضي المحافظة على الشرف والفضيلة، والتباعد عن أسباب الرذيلة ودنس القلوب، وقد اختاره الله لنساء أحب خلقه إليه، وأفضلهم عنده.

ومن آثار الفوارق بين النوعين تنبيه القرآن العظيم على أن صوت المرأة إذا ألانته ورخمته فإنه يصير من مفاتنها المؤدية إلى إثارة للغرائز وطمع مرضى القلوب في الفجور، قال الله تعالى: {ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} الآية (١) .

وفي ذلك أوضح دلالة على أن إذاعة صوت المرأة في أقطار الدنيا في غاية الترخيم والترقيق بالألحان الغنائية مخالف مخالفة صريحة للآداب السماوية التي أدب الله بها مساء أحب خلقه إليه. وهن القدوة الحسنة لنساء المؤمنين. والفاء السببية في قوله: {فيطمع الذي في قلبه مرض} تدل دلالة واضحة على أن الخضوع بالقول كالإنته وترخيمه سبب لطمع مرضى القلوب فيما لا ينبغي، ولا شك أن وجود السبب ذريعة لوجود المسبب، والذريعة إلى الحرام حرام، فيجب سدها، وهذا النوع من أنواع الذرائع الثلاث مجمع على سده.

ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {ولا تسبوا الذين


(١) سورة الأحزاب - آية ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>