للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم فقضتها المرأة ثم بعد ذلك تزوجت ثم حضر زوجها بعد ذلك فما الحكم في ذلك؟

فأجاب سماحة المفتي بالجواب التالي:

الحمد لله: لا يخلو هذا الرجل المتغيب من أحد أمرين: "الأول": أن يكون غاب غيبة ظاهرها الهلاك. "الثاني": أن يكون غاب غيبة ظاهرها السلامة.

فإن كانت غيبته ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله أو في مفازة أو بين الصفين إذا قتل قوم أو من غرق مركبه ونحو ذلك فلزوجته أن تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة؛ لما رواه الشافعي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أيما امرأة فقد زوجها فلم تدر أين هو فإنها تنتظر أربع سنين، ثم تنتظر أربعة أشهر وعشرا. ورواه ابن بكير عن مالك وزاد فيه، ثم تحل. قال البيهقي في "السنن الكبرى": ورواه يونس بن يزيد، عن الزهري، وزاد فيه قال: وقضى بذلك عثمان ابن عفان بعد عمر رضي الله عنهما. ورواه أبو عبيد في كتابه عن محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: أن عمر وعثمان رضي الله عنهما قالا: امرأة المفقود تربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا، ثم تنكح.

وأما افتقار زوجة المفقود إلى حاكم يضرب لها مدة التربص والعدة، فالأصح عدمه، فإذا مضت المدة والعدة تزوجت بلا حكم.

وأما إذا حضر زوجها بعدما تزوجت فيخير، لما روى البيهقي بسنده، لا عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر رضي الله عنه أنه قال في امرأة المفقود: إن جاء زوجها وقد تزوجت خير بين امرأته وبين صداقها، فإن اختار الصداق كان على زوجها الآخر، وإن اختار امرأته اعتدت حتى تحل ثم ترجع إلى زوجها الأول، وكان لها من زوجها الأخر مهرها بما استحل من فرجها، قال ابن شهاب: وقضى بذلك عثمان بعد عمر رضي الله عنهما.

واعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية في "نظرية العقد" هذه المسألة من قبيل موقوفات العقود، فقال: وكذلك الحكم بالتفريق بين المفقود وامرأته وتزويجها

<<  <  ج: ص:  >  >>