للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفسراً أمر سمو وزير الداخلية بخطابه رقم ٣٩٩٧/٩ في ٢٧/١١/١٣٨٤ عدم اتخاذ هذه الإجراءات قاعدة عامة على أنه خاص بالسائقين فقط، وصدور أمركم بإنفاذ الأمر إليه على عموم الحوادث والقضايا بدون استثناء، حيث نص على أن الشم من شأنه إهدار كرامة المواطنين فيعتمد على العموم بدون استثناء.

ونشعر سموكم أنه إن كان المراد من هذا هو منع استشمام من لا تقوم حوله شبهة في تناوله المسكر لما في ذلك من إهانة كرامتهم وإساءة الظن بهم. فهذا صحيح. أما إن كان المقصود هو منع الاستشمام مطلقاً سواء في ذلك من تبدو منه بوادر تقوي شبهة (١) المسئولين في تناوله المسكر من لا تحوم حوله شبهة في ذلك فهذا خطأ ظاهر لا يجوز، ويتنافى مع مقتضى القواعد الشرعية، لأن في هذا الإجراء سداً لطريق صحيح من طرق معرفة حقيقة حال المتهم وإبطال لأمارة وعلامة يتحقق بها ثبوت التهمة، ذلك أن وجود رائحة الخمر في المتهم قرينة ظاهرة على تناوله المسكر، وعليه تدل سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي اصطلح عليه الناس، وهو مذهب مالك، وأحمد في غالب نصوصه، وغيرهما وحكم عمرو ابن مسعود رضي الله عنهما ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة بوجوب الحد رائحة الخمر من في الرجل أو قيئه خمراً اعتماداً على هذه القرينة الظاهرة، فقد روى النسائي والدارقطني عن السائب بن يزيد: أن عمر خرج عليهم. فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب فزعم أنه شرب الطلاء، وإني سائل عما شرب، فإن كان مسكراً جلدته. فسأل عنه فقيل له: إنه بسكر فجلده عمر الحد تاماً. وقال علقمة: كنت بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف، فقال رجل: ما هكذا أنزلت. فقال عبد الله: والله لقد قرأتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أحسنت. فينما هو يكلمه إذ وجد منه ريح الخمر، فقال: أتشرب الخمر وتكذب بالكتاب؟! فضربه الحد. متفق عليه. وجاء في إحدى روايات حديث ماعز عند مسلم وأبي داود (أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، سأل ماعزاً: أشرب خمراً؟ فقال: لا. وأنه قام رجل فاستنكه فلم يجد منه ريحاً) .


(١) عند

<<  <  ج: ص:  >  >>