فقد اطلعنا على كتابكم المرفق به قصاصة الجريدة وصورة تصحيحكم للآيات التي نشرها الرجل الذي أشرتم إليه، وجواباً على تصحيحكم المعنون بتصحيح التصحيح، وبتأمل الجميع ظهر ما يلي:
أولاً: من ناحية ما أشرتم إليه من تأخر نشر التصحيح وما يتعلق به فهذا ليس من اختصاصنا، ويمكن أن يكون من اختصاص قلم المطبوعات.
ثانياً: أما الموضوع الشرعي وما أشرتم إليه من تعبيره عن الآيتين بأنهما آية واحدة، أو تسميته بعض آية بآيتين أو آيات، فإن هذا يتوقف على معرفة كلام العلماء على الآية وتعريفها، وأصل الآية العلامة، ومنه قوله تعالى:{إن آية ملكه} . أي علامته. وقال الجعبري: حد الآية قرآن مركب من جمل ولو تقديراً ومقطع، قيل الآية طائفة من القرآن منقطعة عما قبلها وما بعده، سميت آية لأنها علامة على صدق من أتى بها وعلى عجز المتحدي بها: قال الوحداي: وبعض أصحابنا يجوز على هذا القول تسمية أقل من الآية آية لولا أن التوقيف ورد بما هي عليه الآن. وقال بعضهم: الصحيح أن الآية إما تعلم بتوقيف من الشارع لمعرفة السورة.
وقال الزمخشري: الآيات علم توقيفي لا مجال للقياس فيه، وقال ابن العربي وتعديد الآي من معضلات القرآن، وفي آياته طويل وقصير، ومنه ما ينقطع، ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام، ومنه ما يكون في أثنائه - ذكره في "الإتقان".
إذا علم هذا فإن كان الرجل تعمد التعبير عن آيتين بآية واحدة أو بالعكس أو تعمد التعبير عن بعض آية كاملة فهذا غلط، فإن تغير نظم القرآن بشيء من ذلك أو معناه مما هو معروف ممن مسائل الوصل والوقف فهذا لا يجوز، وإلا فلأمر بسيط، وهو أشبه شيء بالخلاف اللفظي، مع العلم أن هذا الغلط مقابل بلغط منكم حسبما سقتم قوله تعالى:{إني معكم} . وأسقطتم لفظة (إني) أما اللحن فإنه وإن كان غير محمود إلا أنه ينبغي للرجل أن يرد الحق إذا جاء بعبارة ملحونة، فإن الحق ضالة المؤمن، والأولى للجميع الانصراف إلى ما هو أنفع وأجدى، والله الموفق. والسلام.