للناس، ونهاهم عن كتمانه، فقال تعالى:{وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". وأهم ما يقع به التناصح والتذكير معرفة ما بعث الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من تحقيق التوحيد بأنواعه، علما، وعملاً، وحالاً، ومحبة، ودعوة إليه، ومعرفة ما يضاده من الشرك بأنواعه، أو يضاد كماله الواجب، أو ينقصه من الذنوب والمعاصي كبائرها وصغائرها واجتنابها والنهي عنها، وكذلك تحقيق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحكيم شريعته، واتباع سنته التي لا يزيغ عنها إلا هالك، ثم أمر الصلاة وإقامتها بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، وإقامتها جماعة في المساجد، وكذلك ما يشترط لها من الطهارة بأنواعها وإزالة النجاسات وما يتعلق بذلك. ثم أمر الزكاة، والصيام، وحج بيت الله الحرام، ثم بقية شعب الإيمان وشعائر الإسلام، على حسب مراتبها، ففي الحديث:"الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان".
ومن ذلك بر الوالدين، والإحسان إليهما بكل ما يعد إحساناً، سواء الأقوال، أو الأفعال، أو بالأموال، فإن الله عظم ذلك وقرن حقه بحقهما في مثل قوله تعالى:{واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً} . وبعض الناس والعياذ بالله يستهين بحقوق والديه، حتى ربما انتهى به إلى العقوق عكس الإحسان الذي أمر الله به، وهذا من كبائر الذنوب أجارنا الله وإياكم منها، ومن ذلك صلة الأرحام والأقارب، والآيات والأحاديث والآثار في ذلك كثيرة معروفة مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"من أحب أن ينسأ له في أجله ويبسط له في رزقه فليصل رحمه" وفي الحديث: "أن الله تعالى قال للرحم: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته". ومن ذلك إكرام الجار وأداء حقوقه، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم إكرام الجار من الإيمان، فقال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره". ومن ذلك مناصحة أصحاب الذنوب والمعاصي، وتحذيرهم منها، وتنبيههم على شؤم عواقبها، والإنكار عليهم، والأخذ على أيديهم من كل من له قدرة واستطاعة على حسب حاله - ففي الحديث: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك