(٤٥٤١- فضل الدعوة على الله - ألقيت في اجتماع رابطة العالم الإسلامي بمكة)
الحمد لله الذي أكمل لنا ديننا، وأتم علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام ديناً، وأصلي وأسلم على خير خلق الله، وأكرهم عليه وأرفعهم عنده منزلة، عبده ورسوله محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، ودعا بدعوته، ودافع عن ملته إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله وبيان ما بعث الله به أنبياءه ورسله عليهم السلام للناس هي سبيل رسول الله وسبيل أتباعه إلى يوم القيامة، قال تعالى لنبيه عليه السلام:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} . وهو واجب على كل مسلم بحسب مقدرته واستطاعته، وهو على أهل العلم أوجب، وفي حقهم آكد، لأنهم المبلغون عن الله ورسوله، وهم ورثة الأنبياء، ومن كان لديه ميراث النبوة فواجبه أعظم، والمسئولية تقع عليه أكبر، فلديهم طلب القلوب وعلاجها، وقد وصفهم الرسول عليه السلام بالعدل حيث قال:"يحمل هذا الدين من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين". فهم لهذا مسموعو الكلمة، مقبولو النصيحة، فإذا قاموا بالواجب الملقى عليهم تمام القيام صلحت الأحوال واستقامت الأمور، وقد أوجب الله عليهم التبيين للناس وحرم عليهم الكتمان، وأخبرنا أنه أخذ الميثاق على من قبلنا ونحن مثلهم فقال:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} . وقد قال الرسول عليه السلام:"بلغوا عني ولو آية".
والناس في هذه الأزمنة بحاجة إلى الدعوة أكثر من حاجتهم لها في أي وقت مضى، حيث قد كثرت دواعي الشر، وتفشت الإباحة والانحلال الخلقي، وجاءت بأثواب مختلفة، وتحت شعارات براقة خداعة، وغزت قلوب الشباب أيما غزو، كما كثرت البدع والخرافات، وظهرت المبادئ الهدامة المخالفة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخذ دعاتها أزمة التوجيه فأفسدوا ما بقي مع المسلمين من دينهم أو كادوا، والتقى أعداء الإسلام من أصحاب الديانات المختلفة وحملة المبادئ الملحدة على صعيد واحد، وهو محاربة الإسلام والصد عنه بشتى الوسائل، وتألبوا عليه، وجاءوا من كل حدب وصوب. ولما رأى المخلصون هذه الحالة ساءهم يوم الإسلام الحاضر، وأشفقوا من غده