لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى، ولعل ما يتميز به الإسلام على جميع النظم ويعتز به المسلم الصادق هو أن هذا الدين الحنيف قد محى فوارق العنصر والجنس واللون، حتى إنه من القواعد الاجتماعية التي أرساها هذا الدين وطبقها علمياً هو أن الزنجي المسلم أشرف وأفضل وأولى بالنصر والتأييد من الهاشمي العربي غير المسلم، وهذا ما لم تصل إليه أرقى دول العالم حضارة وتمدناً حتى يومنا هذا.
وما هذا الاجتماع الذي منّ اله به علينا في هذا المكان من مكة المكرمة إلا إحدى منافع الحج التي يحصل عليها المسلمون نتيجة شهود هذا الموسم الذي فرض الله شهوده على كل مسلم ومسلمة.
ولا شك أن جمع الحج بين هذه الأمم الإسلامية من شتى الأقطار ومختلف الأجناس هو فرصة يجل أن لا تفوت، فرصة يجب على حكام العالم الإسلامي وعلمائه ومفكريه أن يغتنموها ليجتمعوا حول مائدة يضعون عليها مشاكل المسلمين ومآسيهم التي تزداد يوماً بعد يوم تحت عوامل خارجية وداخلية، تحركها الصليبية والإلحاد وحب التسلط، إن حوادث الاعتداء على المسلمين من تقتيل وتشريد وظلم تتكاثر وتتسع نطاقها كل يوم، وهذا ما يجب أن يتنبه له المسلمون (وخاصة ولاة الأمر فيهم) ليضعوا حداً لهذه الحوادث التي يجب عند بحثها أن لا يفرقوا (بسبب الجنس أو اللون أو الوطن) بين من يتعرضون لهذه الحوادث، فالمسلمون كلهم سواء.
وإذا لم يبحث المسلمون مشاكلهم بأنفسهم ويجتمعوا للتشاور لحلها بمحض اختيارهم فمن يا ترى الذي سيفعل لهم هذا؟؟ إن آمال المسلمين وآلامهم يجب أن ينظر المسلمون وحدهم فيها، وأن ينصتوا لأصواتها التي تزداد وترتفع كل ما مر الزمن.
إن رابطة العالم الإسلامي (وهي رابة علماء بحتة) تحاول جهدها ونفي حدود إمكاناتها القيام ببعض ما يجب عليها نحو الشعوب الإسلامية على مختلف أجناسها وألوانها وتباعد أقطارها، ولا شك أن الكثير من إخواننا المسلمين قد لمسوا بأنفسهم نتائج بعض الأعمال المثمرة التي قامت بها الرابطة في مختلف الحقول، والوقت الآن لا يمسح بأن نتحدث بالتفصيل عما قامت به الرابطة أعمال في سبيل الإسلام والمسلمين، ولذا فنحن نترك هذا للوقت